من مقومات المجتمع المسلم العدل، والعدل والواسطة، بشكلها الحالي ضدان لا يتفقان، سؤالي هو: ما موقف الشباب المسلم من استخدام الواسطة التي عمت وطمت حتى إننا لا نستطيع الحصول على أي حق من حقوقنا كبر أو صغر في أي جهة أو مؤسسة إلا عن طريق من يعرف ذلك الشخص المسئول مما أفقدنا لذة ومعنى التوكل على الله، فهل هي منافية لهذا التوكل، وما موقفنا منها؟
الجواب
الشفاعة نوعان: شفاعة حسنة ومن يشفعها يكن له نصيب منها، وشفاعة سيئة ومن يشفعها يكن عليه كفلٌ منها، والإنسان قد يحتاج للإنسان، والكل يحتاجون إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولكن المشكلة أنه خرج الأمر من طور طلب المساعدة أو الحاجة إلى طور الواسطة -كما تسمى- التي تسقط الحقوق أو تجلب ما ليس للإنسان من الحقوق، وتفشت هذه الظاهرة، فكانت في أول الأمر نادرة، وبالذات عند المسئولين، ثم أصبح الأمر عادياً جداً، فكل من يأتي لمعاملة فأول ما يسلِّم على المدير يعطيه الورقة، ثم بعد ذلك يحدثه عن الموضوع، وربما بعض الأمور تخبر بالتلفون وهي تحتاج إلى ملفات وأوراق -من أجل الواسطة- ويتعطل من لا شفيع له، وإن كان مستوفياً أو مستكملاً لكل الإجراءات النظامية.
هذه إحدى العلل التي ابتلي بها المسلمون عندما فقدوا التمسك بالإيمان بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، والعدل والإنصاف، وهذا داء يجب أن يعالج من الجميع.
أما منافاته للتوكل، فنعم قد ينافي التوكل؛ لأن منافاة التوكل قد تكون مما ينافي أصله، فهذا شرك، كمن يتوكل على غير الله -تبارك وتعالى- أو يدعوه أو يستغيث به، وقد ينافي كمال التوكل، وأقل ما في هذا أنه ينافي كمال التوكل وربما ينافي الكمال الواجب لا الكمال المستحب، فيقع الإنسان في كبيرة، نسأل الله العفو والعافية.