[الحذف في المستوى الرابع الابتدائي]
حذف من التوحيد الأمثلة على أنواع العبادة كالدعاء, والذبح، والنذر, مع أنها أمثلة مهمة توضح سعة مفهوم العبادة وحقيقة العبادة, وتعين الطالب على معرفة ما يقبح فعله من العبادة لغير الله، فإذا حذفت هذه فماذا بقي؟ وقد يقال: إن هذه حذفت لأنها سوف تتكرر في سنوات قادمة, ونقول: إنها تتكرر لأننا بحاجة لتأصيل حقيقة الشرك والتوحيد والمواضيع الفقهية، فنحن بحاجة لتكرارها في كل سنة, بل في كل يوم, وهذا كتاب الله بين أيدينا, ألم يتكرر فيه الإيمان بالله واليوم الآخر, والدلائل على نبوة رسول الله، والدلائل على البعث، والدلائل على ما وقع وما حلّ على الأمم السابقة، وتكررت قصصهم وتحدث عنها مراراً كثيرة؟ وليس هذا عبثاً -تعالى الله وتقدس- وكتابه أجل من ذلك, وإنما لأنه لا بد من التكرار, لأن الناس يحتاجون إلى التذكير الدائم المستمر بهذا, ثم ليس هذا التكرار فقط في علم التوحيد، فكل العلوم فيها تكرار, فالرياضيات والكيمياء والجغرافيا كلها فيها تكرار, الكل إذاً قائم على تكرار, إما إعادة الشيء لغرض وإما تفصيل بعد إجمال, وإما شرح بعد تبسيط وهكذا.
حذف أيضاً من الفقه (٣٠%) للسنة الرابعة, والتفسير حذف أيضاً وبُتر, وتفسير سورة الفاتحة حُذف منه وصف اليهود بأن الله غضب عليهم ولعنهم, وحذف وصف النصارى بأنهم افتروا على مريم بهتاناً عظيماً, وإذا كانت هذه الأوصاف في القرآن وسهلة وقصيرة، فلماذا تحذف؟ وما الذي يضر هذا الطفل أن يدرس ألفاظاً سهلة وواضحة؟ لكن لأنها تربي الطفل على أن اليهود أعداء الله, والنصارى أعداء الله، وهم يريدون أن يكون أبناؤنا مثل الدواجن, التي تتربى في محاضن وتفرخ وتسمن، لا توالي ولا تعادي, همُّ أحدهم الطعام والشراب, ينسى الموت ويحاول لمدة طويلة أن يشتري سيارة, وبعد مدة طويلة -ربما عندما يبلغ الستين- أن يحصل على بيت, وهو طوال عمره يفكر كيف يحصل على بيت، ويقول: الليلة أشاهد التلفاز أو الفيديو عند فلان، فهذا ليس إنساناً, لأن الإنسان بعقيدته وبإيمانه, وبمقدار ولائه وبرائه وبحقيقة انتمائه لدينه, فحقيقة الإنسان هي في انتمائه.
ولهذا تسأل أي إنسان تقابله عن بلده وعن دينه حتى تعرف انتماءه إن كان يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً، ولا تحكم عليه رأساً، لأن الإنسان إنما يعرف بانتمائه لا بمظهره الخارجي، فهناك أناس هم أحقر خلق الله ديناً وخلقاً ولديهم الأموال الطائلة, وهناك دول كذلك.
ويوجد من أفضل خلق الله ديناً وخلقاً مثل الأنبياء صلوات الله عليهم، وهم من أفقر الناس وأزهدهم في حياتهم الدنيا, ومنهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خير بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام على الحصير حتى أثر في جنبه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلا تقدم تكنولوجي ولا رفاهية ولا تنمية ولا شيء من هذا , ومع ذلك كان هو سيد ولد آدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ولم ينزل هذا من قدره شيئاً؛ لأن الله يعطي الدنيا من أحب ومن لم يحب كما قال: {كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} [الإسراء:٢٠].
فتقليص المناهج الدينية الشرعية بحجة أننا حريصون على التنمية وعلى التطور من أجل أن يحل محلها علوم أخرى يقتضيها التطور أمر باطل، مع أن المقصود ليس هو التطور ولا التنمية, إنما المقصود هدم عقيدة الولاء والبراء بالدرجة الأولى.