هذا بالنسبة إلى حال العرب، وماذا نقول في الروم وماذا نقول في الفرس؟! أولئك الذين كانوا يعبدون النيران، وكانوا يعيشون في ظلمات الكفر والجهل، أكانت تنقصهم الحكمة كما يفعل الناس اليوم؟! يأتون بالحكم ويأتون بالأمثال ويأتون بالقصص؛ أكان ينقص العالم حِكَماً أو عبراً وقصصاً؟! لا والله! كان بيدبا الفيلسوف الهندي الذي ألف كليلة ودمنة، وكان بزرزمهر -وهو فيلسوف الفرس- معروفاً لديهم، وكان عند الروم أرسطو وأفلاطون وسقراط وأمثالهم؛ فوالله ما صنعوا شيئاً، ولا أخرجوهم من الظلمات إلى النور؛ وإنما أخرجهم المؤمنون بكتاب الله وبهدى الله الذي أنزله الله عز وجل بهذا الوحي الخالص {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}[الأنبياء:٤٥]، أخرجهم الله تبارك وتعالى بهذا القرآن، فاحتكموا إليه ورضوا به؛ حتى إن أهل الذمة الذين لم يدخلوا في الإسلام نعموا بالحياة الطيبة المطمئنة في الدنيا، وإن كانوا محرومين من الجنة عند الله تبارك وتعالى في الآخرة.
لكن الحياة التي عاشوها في الدنيا لم يجدوا لها نظيراً، ولن يجدوا لها نظيراً أبداً في ظل ملوك من النصارى كانوا يحكمونهم، ولا سيما إذا كانوا مخالفين لهم في الدين.