إنَّ الواجب علينا أن تكون مراكزنا مناراتٍ عليا في كل بقاع العالم، ونحن أولى بـ اليابان وبـ كوريا وبغيرها من المنصرين الغربيين، نحن أولى بـ الهند، أن تكون كلها مسلمة، تستضيء بنور التوحيد والإيمان، وهذه صفة هذه الأمة، كما قال الله عنها:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠]، ولكنا لما تخاذلنا ووصلنا إلى الصفر، غُزينا في عقر دارنا، وقد قال علي رضي الله تعالى عنه:[[ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا]] وهذا من الذل والهوان، إننا نحتاج إلى جهد جماعي إلى جانب الجهود الفردية، نحتاج إلى الإخلاص، وإلى القلوب الصادقة، إلى التضحية ولو بدرهم ولو بساعة من الوقت لوجهه الكريم وهو الذي يبارك هذه الجهود.
ولا شك أن الأمة -في مجموعها- قصرت في هذا الواجب العظيم -الجهاد والدعوة- فاحتجنا إلى أن نأتي بمثل هذه الحلول المؤقتة لأن الأصل أن لا يدخل في جزيرة العرب كافر على الإطلاق، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجلاهم وأخرجهم وما بقي إلا قلة من يهود خيبر ونصارى نجران، فأوصى عند موته بأن يخرجوا مع أنهم من أهل هذه الجزيرة وسكانها، وقال:{لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} فأجلاهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يبق فيها إلا مسلم.
حتى إن عمر رضي الله تعالى عنه لما احتاج المسلمون إلى بعض بضائع الروم والقبط وغيرها، جعل لهم ثلاثة أيام يأتون بظاهر الحرة في المدينة، بعيداً عن الحرم، ويبيعون لمدة ثلاثة أيام ثم يرحلون ولا يعطون إقامةً دائمة في هذه الجزيرة؛ لأنها جزيرة الإسلام والتوحيد.
فنحن تهاونا بإدخالهم، ثم تهاونا في دعوتهم، ثم أصبحنا في بلد الإسلام نشكو أن مدراء بعض الشركات والمصانع غير مسلمين! وما أوصلنا إلى ذلك إلا ذلنا وضعفنا وهواننا وتخاذلنا - مع الأسف الشديد - وإلا فهؤلاء كان الواجب أن لا يدخلوا أصلاً، فإن دخلوا للضرورة، فبذلة ومسكنة لا أن يتحكموا في نشر دينهم، أو أن يسيطروا على وسائل إعلامية عظيمة جداً، حتى إن الإذاعات باللغة العربية تذيع وتبث على المنطقة في الصباح وأحياناً في المساء رسالة يقرءونها من رجل يقولون: إنه كان طالباً في المدينة، وتعلم فيها ثم انتقل إلى مكة، ثم بعد ذلك تبين له أن هذا الدين باطل -يعني: دين الإسلام- ثم راسل جمعيته وأرسلوا إليه الكتاب المقدس، ثم اهتدى للدين الصحيح، -يعني النصرانية - فيبثون هذا علينا، وغيره من الأباطيل.
فلا بد علينا من أن نستفيد من هذه الهمم والجهود، ولا بد علينا من إنشاء المراكز الإدارية التي تدعو للخير، وعلى أصحاب المصانع أمانةٌ كبرى في مقاومة الشر، ونشر الخير بين المؤمنين، فالمسلم يحتاج إلى أن يُعلَّم دينه، لأنه قد يأتي وفيه بعض العادات السيئة والأخلاق الذميمة فيعلم وإلا فلا يصلح أن يأتي إلى هذه البلاد! فالكافر من باب أولى، بل هناك نصوص في تحريم دخولهم، فإذا كان دخولهم مفروض علينا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن لا بد أن نُذكِّر بالأصل.
وأن الواجب علينا أن نبذل جهدنا بدعوتهم، وأن نتعاون -جميعاً- في ذلك، وأن نفتح مراكز في شركاتنا ومصانعنا للدعوة إلى الإسلام، وأن نستفيد ممن يجيد التكلم بأكثر من لغة، والحمد لله يوجد في جامعة أم القرى مدرسون وطلاب يجيدون لغات عدة وهم من أكثر من أربعين دولة منهم الإخوة الذين أسلموا حديثاً.