فالعبرة في الحياة الطيبة والحياة السعيدة (في بقاء الأمم) في سعادتها في الدنيا والآخرة، ليست أبداً في ذلك الجانب الذي يزعمون؛ وإنما هي في الإيمان بالله والتمسك بكتابه، قال تعالى:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:١٢٣ - ١٢٤] أي: أن الذي يتبع هدى الله لا يضل ولا يشقى، فهو على الصراط والطريق المستقيم وعلى الحق؛ وأيضاً لا يشقى بتسليط أعداء الله عليه، ولا بفقر، ولا ببلية لاحقة بعذاب من عند الله يرسله عليه، وأيضاً إن من لم يسر على الصراط المستقيم وأعرض عن ذكر الله فله من المعيشة الضنك بقدر إعراضه عن ذكر الله، وعكس ذلك قوله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:٩٧] إذن فإن طيبة الحياة وسعادتها بقدر الإيمان، وشقاوتها ونكدها بقدر الإعراض عن ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه قاعدة مقررة، وليست العبرة بكثرة ذات اليد ولا بالقلة؛ مع أن لها جانباً كبيراً لا يغفل، لكن ليست العبرة والأساس بها، وإنما هو في اتباع هدى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى واتباع ما أنزل الله عز وجل.