وهنا نقول: إنه أياً كان ما تتعرض له الشيوعية، سواءٌ كان انهياراً كلياً أو تطويراً وتجديداً، فإن المسألة تتطلب منا أن نكون واعين بأن مستقبلاً خطيراً يهدد الأمة الإسلامية، وألاَّ ندع مجالاً للعواطف التي تقول: إن هذا الانهيار سوف يتيح للإسلام نشر الدعوة! نعم! قد يسمح لنا أن نصدر الكتب، ونرسل المصاحف، وأقصى ما يمكن أن نصل إليه أن يكون الحال كما هو الحال في أمريكا، ولكن هل تسمح أمريكا بقيام دولة إسلامية؟ حقيقية كما لو قامت -إن شاء الله- في أفغانستان.
وهل ترضى أمريكا بأن يتسلم المجاهدون الحكم في أفغانستان؟! ستقف أمريكا بكل قوة وفي أي مكان، ولن تسمح بقيام دولة إسلامية نقية على منهاج الكتاب والسنة -أبداً- في أي بقعة من بقاع العام الإسلامي، فكيف إذا اتفق الغرب والشرق على ذلك وهو العدو المشترك لهما؟ كيف والأفعى اليهودية هي التي تحرك العالم شرقاً وغرباً؟! لا بد للأمة الإسلامية أن تعد العدة، والنصر قادم بإذن الله وقد قام عماد الدين زنكي ونور الدين وصلاح الدين في أوقات الانحطاط والضعف والفرقة في العالم الإسلامي وسيطرة الباطنية والروافض وأشباههم.
ومع ذلك كما قال شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله في أكثر من موضع في الجزء الثاني والعشرين من الفتاوى يقول: 'نََصَرَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نور الدين وصلاح الدين على قلة العدد والمال بالإيمان'.
لأنهم كانوا مخلصين في إيمانهم بإذن الله يقول: 'لأنهم كانوا لا يوالون الكفار، ولم يكونوا يوالون اليهود والنصارى '.
والغرب لا شك لن يسمح بقيام أمة لا تواليه، ولا تتشرب مبادئه، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى كون هذا العبء ثقيلاً يفرض علينا مضاعفة الجهود في الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفي تحذير هذه الأمة وتنبيهها، وأن الحل الوحيد في كل مشاكلها لا يمكن أن يكون إلا بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فعلى أية دعوة تدعو إلى غير الكتاب والسنة أو تدعو وفي دعوتها دخن، فعليها أن تراجع نفسها، لأنها لن تقدم العالم الإسلامي، بل سوف تؤخره ولا ريب، لأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
ولن يتوحد العالم الإسلامي -بإذن الله- إلا في ظل الكتاب والسنة، وفي ظل دعوة لا ترتبط على الإطلاق بالأشخاص ولا بالنظرات الضيقة، بل هي دعوة لكل (الألف مليون) مسلم إلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهاج واضح: علم، وجهاد، ودعوة، وأمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وهذا ما سوف يقوم، وقد بدت بشائره -والحمد لله- واضحة في الجهاد الأفغاني، وفي الجهاد الإرتيري، وفي الجهاد الفليبيني، وفي مناطق كثيرة شملتها الصحوة الإسلامية، كما أشرنا في أحداث الجزائر، وكذلك في ليبيا وتونس، وكل بلد -والحمد لله- توجد فيها هذه الصحوة الإسلامية، أو بشائر لها يجب أن تستمر، وأن يكون الكتاب والسنة هو منهاجها الوحيد، وكذلك فهم السلف الصالح نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يحقق ذلك، إنه سميع مجيب.