أقول: عجيبٌ أن يصدر هذا عن أمة القرآن وأمة الإيمان وأمة الإسلام، التي جعل الله لها في كل مشكلة، وفي كل أمر، وفي كل ضائقة، وفي كل نازلةٍ حلاً في كتابه وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحل موجود، وقد تكلم عنه كثير من دعاة الحق -والحمد لله- لكن لم نجد إلى الآن أية إشارة واضحة إلى أننا فعلنا الحل الذي في كتاب الله عز وجل، وأننا امتثلنا الحل الذي أمر به الله، كما قال:- {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنعام:٤٣] قسوة القلوب كهذه التي نعاني منها.
توزع حالياً أخبار عن المبيدات والأسلحة الكيماوية والغازات الكيماوية أثارت الرعب والهلع في نفوس الناس، وأنا لا أتكلم عنها، وأنا جازم وواثق أنها ليست رسمية، وليس عليها ختم رسمي، وهي في حقيقتها صحيحة، فما تضمنته من أثر هذه الغازات السامة صحيح وواقع، بل في الحقيقة هناك أنواع أخطر من ذلك بكثير.
ولكن ليست هذه هي القضية؛ القضية هي: لماذا عندما لا ينسب مثل هذا الكلام الذي ليس له أصل ولا مستند رسمي، فلم يقل للناس:" خذوا أقنعة أو احتاطوا" رسمياً وإنما هذه أوراق وإشاعات، الله أعلم بمن وراءها، وما مصدره، فهو قول غير مؤكد وغير معروف، ومع ذلك ذعر الناس وهلعوا، وكل إنسان بدأ يفكر جدياً، فيما يصنعه؟ وهل منطقته بعيدة عن الأحداث أو قريبة؟ ويفكر ماذا سيصنع إذا جاء الغاز فعلاً.
سبحان الله! القرآن كلام الله رب العالمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحدثنا عن عذاب جهنم يحدثنا عن دخان جهنم، أين هذه الغازات من دخان جهنم؟! أين هي من {ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ}[المرسلات:٣٠ - ٣١] أين هي من {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ}[الأعراف:٤١].
أين، أين، آيات كثيرة، فأين هذا من هذا؟! وهو كلام رب العالمين وهو حق وصدق، ولا يمكن أن يقع إلا في حق من توعده الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بذلك، وذكر الله تعالى أسبابه، وهي المعاصي والذنوب، فهل اتخذنا وقاية من هذه الذنوب؟! قال تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً}[مريم:٧١] كل إنسان واردها، كل إنسان سيعبر الجسر المنصوب على متن جهنم، كما أخبر بذلك الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهل أعددنا وقاية من عذاب الله؟! هل أصابنا الخوف من الله؟ كما أصابنا الخوف من البشر والهلع والذعر؟! وقد ضربت هذا المثال لتعلموا لماذا أصبنا بهذه النكبة، ولماذا حلت بنا هذه المصيبة؛ وذلك لأننا لم نعد نخاف من الله، ولم نعد نخاف من وعيده ولا عذابه سبحانه، لأننا لم نعد نستمع إلى آيات القرآن، وما كان فيها من وعد أو وعيد، ومن استمعوا فهم يستمعون وقلوبهم غافلة لاهية إلا من رحم ربك.