أثيرت قضية المرأة كما أشرت بغرض الإفساد وللإفساد فقط، ولهذا يأتون إلى أحكام قطعية مما يتعلق بالمرأة، كحكم خروجها من البيت لغير حاجة ولا ضرورة، فيجعلونه على أحسن الأحوال -إن لم يطالبوا بالخروج- موضع تساؤل ونقاش فيقال: ما رأيكم؟ هل ترون أن المرأة تخرج أو لا تخرج؟ وهكذا.
وكأننا كالغرب الأمة الضائعة التي لا تسنُّ فيها القوانين إلا عن طريق استطلاع الآراء العامة.
فيأتون إلى الناس في مسألة تعدد الزوجات -مثلاً- ويجرون مقابلة مع رياضي، أو مع فلاح، أو مع رجل كبير في السن يحدثهم عما قبل خمسين أو سبعين سنة، فيقال لهم: ما رأيكم في تعدد الزوجات؟ وربما يجعلون العنوان الرئيسي (فلان تزوج اثنتين) أو (لم أتزوج إلا واحدة) ومن العجب أن يكون هذا عنوان عريض في بلد الإسلام، وما الغرابة في أن يتزوج الرجل اثنتين أو ثلاثاً أو واحدةً، ولكن لأن لهذا الأمر أهميته في الغرب أتوا به إلينا.
وهذه القضية كثيراً ما تثار، وليس في دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما يحرِّم أن يتزوج الرجل من زوجتين أو أكثر، أقصد بدين الله الذي أنزله على أنبيائه ورسله، وليس فقط دين الإسلام؛ فإن دين الأنبياء جميعهم في التوحيد واحد، ولكن الشرائع تختلف.
وأما مسألة تعدد الزوجات فكانت موجودة حتى في الشرائع السابقة، فهي موجودة في التوراة، فقد ذكر في التوراة أنه كان لدى سليمان -عليه السلام- سبعمائة امرأة، والمسيح عليه السلام لم يتزوج، ولكن لأنه كثيراً من الأنبياء جمعوا بين زوجتين فأكثر فإن ذلك يدل على وجود التعدد في الشرائع كلها، بل إن مما يتعجب له، أن الكنيسة الباباوية - الكاثوليكية - قالت: لم لا نتراجع عن النظر إلى الزواج في إفريقيا بالذات؟ لأن الأفارقة -بطبيعتهم- يحبون التعدد؛ فإذا علموا أننا نحرم التعدد، لم يدخلوا في النصرانية!!! فنقول: إن كان هذا من دين الله الذي أنزل، فلماذا تجانبون شرع الله؟ وإن كان هذا مما لم يشرعه الله، فيجب عليكم ألا تفعلوا؛ وذلك لأنهم ليس لديهم قاعدة مطردة في هذا، إنما يشرعون من عند أنفسهم لمصلحة الشهوة والهوى.
فأتوا إلى المجتمعات الإسلامية -كما قلت- وأفسدوها بالمجلات النسائية التي لا تتحدث إلا عن هذه القضية، وأفسدوها بالأفلام، وتجد أن المرأة لها دور أساسي من أول المسلسل إلى آخره، والغالب -كما يلاحظ- في المسلسلات أن موضوعها واحد ومكرر، فيجعلون لكل رجل امرأتين: إحداهما زوجة، والأخرى عشيقة، وفي الأخير تنتصر العشيقة دائمة، ويقولون: لو وضعوها زوجتين لما نجح الفيلم، ولا المسلسل، ولم يستقم الموضوع، فلا بد أن يوضعوا حلال وحرام، وفي النهاية ينتصر الحرام.
فهناك تخطيط، وإفساد متعمد، منذ أن جاءت حملة نابليون إلى العالم الإسلامي، وجاءت ببغاياها ورفعت شأن البغايا اللاتي كن موجودات ومروراً بالنوادي والصالونات إلى ثورة سعد زغلول عام (١٩١٩م)، وخروج المرأة وقولهم: إنها تحررت، إلى الجمعيات التي أنشئت، والأحزاب النسائية التي أسست.
وقد نشر هذا مؤخراً مع كثير من الوثائق، بأن حزب فتاة النيل، وحزب آخر من الأحزاب النسائية في مصر، كانت تشرف عليها وتمولها زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت، وأما هدى شعراوي، وسيزا نبراوي ونظيراتهن، فهن من أعضاء الاتحاد العالمي النسائي، الذي كان يخطط لإفساد المرأة المسلمة -ولا يزال إلى الآن- ولن نتكلم أكثر من هذا، لأنها بمثابة كلمة للمداولة والمناقشة في كيفية مواجهة هذا الغزو وهذه الهجمات الخبيثة التي اقتحمت علينا بيوتنا، والتي لا يصح بأي حال من الأحوال أن نَغَضَّ الطرفَ عنها، وندفن رءوسنا في الرمال؛ ولأنها قضية يجب أن يكون لكل أب وأخ، ولكل مسلم ومسلمة موقِفُهُ، منها الذي يَصدق فيه مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والذي يعمَل فيه جاهداً من أجل أن يحق الحق الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويبطل الباطل الذي يريد أولئك أن يروجوه.