يقول الأخ: من هو أول من ابتدع الاحتفال بذكرى المولد وقد سمعت شريطاً للشيخ القطان أنه أبو سعيد الكبري، أو قريب من هذا الاسم، وقال إنه من القرن السابع أو السادس، فما صحة هذا جزاكم الله خيراً؟ سؤال آخر: نريد جواباً حول المولد من أول من ابتدعه، وما حكم فعله؟
الجواب
نقول إذا بينا أنه مبتدع فقد اتضح لكم حكمه، ثم إن المحقق أن أول من ابتدأ الاحتفال بما يسمى المولد النبوي هم العبيديون الفاطميون، وهم -كما أسلفنا- عبيديون من يهود الفرس، فهم يهود ومجوس، أرادوا تدمير الإسلام وهدم الدين، وتعاونوا مع الصليبيين الذين جاءوا لاحتلال بلاد الإسلام، وسيرتهم معروفه، وما قاله فيهم علماء الإسلام الثقات معروف ومذكور، فكانوا زنادقة ملاحدة، كما قال فيهم الإمام الغزالي، وصدق هذه العبارة ابن تيمية: كان ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، أي ظاهراً هم رافضة شيعة، لكنهم واقعاً كانوا ملاحدة زنادقة، فهذا هو القول الصحيح في أول من ابتدع المولد، لكن لماذا فعلوا ذلك؟ هنا تختلف آراء وتحليلات المؤرخين.
فبعضهم يقول: إنهم احتفلوا بالمولد ليصرفوا الناس عما يعلمونه فيهم من الإلحاد ومن البدع ومن الزندقة والضلال، فيخدعون العوام ويقولون لهم: إننا نحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن نسبنا إليه حقيقي بدليل أننا نحتفل بمولده ونعظم ذكرى مولده، هذا قول أو موجز للقول الأول.
القول الثاني: قال بعض المحللين: لا، هؤلاء القوم يهود، ويبغضون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويبغضون دين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويعلمون أن جدتهم اليهودية قد وضعت السم في ذراع الشاة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأكل منه، فقطع أبهره فكان ذلك سبب وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهم يحتفلون بذكرى مولده في الثاني عشر من ربيع الأول، وهي ذكرى وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي ذكرى موت عدوهم اللدود الذي طردهم من المدينة وأجلاهم منها، وأذهب دينهم وملكهم ومجدهم، وانتقمت منه جدتهم اليهودية بهذا العمل فيخلدون ذكرى هذه الجدة اليهودية، ويريدون أن يحتفلوا بذكرى موت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويجعلونها عيداً يتفاخرون به.
والواقع أننا إذا نظرنا إلى كلا التحليلين ونظرنا إلى واقع العبيديين فإننا نجد أنه لا تعارض بينهما، وأن القول الثاني أقرب، لأن العبيديين كانوا كما ثبت، والآن قد اتضحت كتبهم ونشرها أتباعهم الذين إلى اليوم يسمون بالفاطميين، وهم فرقتان الأغاخانية والبهرة، وكلا الفرقتين نشرت كتبهم، وما ثبت وصح عنهم عن الحاكم العبيدي وغيره: أنه كان لا يؤمن بالله ولا يؤمن باليوم الآخر ولا يؤمن بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهم كانوا أعدى أعداء المسلمين، فقد افتعلوا هذا الاحتفال لأنهم وجدوا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد لقي ربه ومات في هذا اليوم، فيحتفلون بذلك، هم في أنفسهم جعلوه عيداً لذكرى وفاة عدوهم الأعظم، وبالنسبة للأمة المخدوعة جعلوه ملهاة لهم، ويزعمون أنهم يحبون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهم من ذريته، فيجتمع فيهم كلا الأمرين، وهذا هو أصل هذه البدعة.
ثم فيما بعد انتشرت في البلاد، ثم وضع وأدخل فيها ما أدخل، حتى تحولت في كثير من الأحيان من مجرد بدعة إلى أن أصبح فيها الشرك الأكبر -والعياذ بالله- كأن يقال فيها أو في أناشيدها:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
وما أشبه ذلك من قراءة الموالد البدعية التي في بعضها إخراج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حد العبودية ومقامها، إلى درجة الألوهية.