للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكلام حول التنظيم الأصولي والإرهاب]

السؤال

في جريدة الحياة كتب أحدهم موضوعاً عن فشل التنظيم الأصولي -كما يسميه- ثم بعد أن تكلم عن هذا قال: إنه سيتكلم في عدد لاحق عن كيفية مواجهة الإرهاب، يقول السائل: من المقصودون بهذا؟

الجواب

الأصوليون أنتم وأنتم المقصودون، كان الغرب يتكلم عن الأصولية الإيرانية كما تسمى أيام الخميني، ثم عرفها وعرف حقيقتها، وعرف ما قدمت له من رصيد لمحاربة الإسلام من أفعالها ومن تصرفاتها.

والآن إذاعة لندن تسمعونها قبل أحداث الخليج ومن سنوات تتكلم بذلك، وكذلك مونتكارلو، وصوت أمريكا.

الكلمة البديلة، والتي يخشون من ظلالها، والأصولية الحقيقية التي يخافونها هي ما يسمونها بـ الوهابية.

يقولون: الجهاد الإسلامي في أفغانستان نوعان، التنظيمات الوهابية، وهذه التي لا تقبل مساومة.

وأما التنظيمات الأخرى فهي التنظيمات المعتدلة، بمعنى أنها تقبل الحكم الديمقراطي والنيابي، وهذا هو المعتدل عندهم.

الأصولي: من يرجع إلى الأصول، أي: إلى قال الله وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم لا يريدون إلا المعتدل في نظرهم، والوسط على مزاجهم، أما الذي يريد الحق كما أمر الله، وكما أنزل الله، فلتأته التهم، ومنها أنه أصولي، ويربطون بين الإرهاب والأصولية.

باول شميدس في كتابه الإسلام قوة الغد العالمية، يقول عبارة خطيرة جداً لكنها حقيقة، يقول: 'إنه قد تبين من التاريخ أو من استقرائه أنه أينما وجدت الحركة الوهابية، فإنه يوجد معها مقاومة الغرب ومقاومة الاستعمار'.

لأن منهجهم قال الله، قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهج الغرب وحضارة الغرب وإلحاده وكفره شيء آخر، فلا يجتمعان، وقد وجدوها هم في جزيرة العرب وهي منبع ومهبط الدعوة.

في الهند عندما كان عباد الأبقار قد استسلموا للإنجليز حتى كان الإنجليزي -خاصة من أهل اسكتلندا - من شحه لا يركب قطاراً ولا يركب حماراً بل يركب على ظهر الهندي، ويمشي به مسافة بعيدة.

وأما المسلمون فكثير منهم من تخاذل وركن إلى الدنيا، ومن جاهد وقاوم الاستعمار الإنجليزي وجدوا أنه متأثر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، أو على منهجه.

وجدوهم في نيجيريا: عثمان بن فودي ومن معه.

وجدوهم في الصومال وجاهدوهم.

حتى مهدي السودان أصل دعوته كانت على منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب من التوحيد وهدم القبور، ثم دخله الفساد -والعياذ بالله-، لكن أول دعوته كانت محاربة الشرك والبدع.

وكذلك عمر المختار في ليبيا.

والأصولية الوهابية التي ترجع إلى الكتاب والسنة، أو الحنبلية كما تسمى أحياناً، وهي ألقاب ينبزون بها من يدعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

الأحداث الأخيرة غطت على ما حدث في الجزائر، بغض النظر عن رأينا الكلي فيها حدث.

وهناك عبرة معينة أريد أن أسلط الضوء عليها الآن: لقد انزعجت الصحافة الفرنسية وانزعج الغرب انزعجوا جداً من انتشار الأصولية في الجزائر؛ لأنهم عرفوا دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، وأنه أقام الدعوة على أساس التوحيد، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما جاء بها، وكتب عن الشرك والبدع والخرافات.

وكان من منهج الشيخ عبد الحميد أن أول ما يبدأ به هو محاربة البدع والخرافات عند الشعب، حتى ينتشر العلم الشرعي، ثم الولاء والبراء، ثم الجهاد، وهي مرحلية لم يفطن لها الاستعمار، ولهذا تركوه أول الأمر يدعو، وتركوه يفتح الصحف، وما فطنوا إلى أنه لا يرضى بالوجود الفرنسي.

لكنه -رحمه الله- يريد أن يبدأ بالأساسيات، مرحلة الدعوة أولاً.

نقول: تحليلات خطيرة جداً غطت عليها الأحداث الأخيرة، وكانت دائماً ترددالأصولية في الجزائر، الأصولية هنا، والحادث الذي جرى في جزر ترينداد، ربطوه بالأصولية وبـ الجزائر، وقالوا: الأصولية خطر يهدد العالم، لكن جاءت أحداث أخيرة وطغت على ذلك، والله المستعان!