ما تأثير الأحداث الجديدة على الحداثة وهل لها علاقة بـ الشيوعية، وما موقف روادها من التغيرات الجارية على الساحة؟
الجواب
الحداثة هي أحد وسائل التعمق الفكري لنشر الشيوعية لا عن طريق الثورة، ولكن عن طريق البروستريكا إعادة البناء، وهناك شيوعي فرنسي معروف وهو زعيم بارز من أكبر زعماء الشيوعية كان نظيراً لـ رجاء جارودي الذي قد يكون له دورٌ آخر، ولكن يهمنا الآن هنري لوفيفر، وهنري هذا شيوعي معروف بارز جداً في فرنسا كتب كتاباً اسمه الحداثة، يقول: إن الحداثة هي ظل الثورة الغائبة هنا، وغير المكتملة هناك، الحداثة هي ظل الثورة الشيوعية الغائبة في فرنسا، وغير المكتملة في موسكو.
لأنه يريد أن تطبق الشيوعية وأن تعم العالم، وذكر أنه بواسطة الحداثة يمكن أن يعاد العالم المقلوب ليقف على قدميه وليعرف الحقائق، ويقول: نستفيد من الحداثة في هدم رموز الماضي: الأديان، والعادات، والتقاليد وكل شيء تمهيداً لإقامة الشيوعية النهائية الأخيرة، التي لا أخلاق فيها ولا قيم ولا مبادئ، ولذلك عندما تتعمد الحداثة ضرب اللغة وهدمها، يُقال: قضية أدبية، قضية لغوية لا علاقة لها بالدين.
والحقيقة أن ضرب اللغة "ضرب النص" أكبر عملية ضرب يمكن أن توجه إلى أي دين، فلو أن أحداً أراد أن يهدم القرآن مثلاً، فهل تتوقع أنه يحرق نفس المصاحف؟ لو هدم النص القرآني وقال: النص القرآني ليست دلالته كذا، كما فعلت الباطنية، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة:٦٧] قالوا: البقرة عائشة إلى آخر التأويلات الباطنية التي أفقدت القرآن معناه تماماً، وأفقدت الحديث معناه تماماً وجردته، فإذا جردت اللغة من مدلولاتها، فالنص الشرعي "القرآن والسنة" لم يعد لهما مدلول، إذن الأمة لم يعد لها قرآن، وإن كان موجوداً مكتوباً، فقد جرد من معناه ومن دلالته، وهذه أحد أهداف الحداثة.
والعلاقة بين الواقعية الاشتراكية، أو كما تسمى "المذهب الواقعي الاشتراكي" وبين الشيوعية أنها نسخة طبق الأصل، واستالين هو الذي استطاع أن يأتي ويجعل جاكوسن المجرم الملحد وأمثاله يمثلون المدرسة الروسية الشكلية وهي أساس الحداثة، فالمدرسة الشكلية الروسية هي أساس فكرة الحداثة والبنائية في عالم الغرب ثم في العالم الذي صدرت إليه.
عموماً: الاتجاه الواقعي في الحداثة هو نسخة عن الفكر الشيوعي.
وإذا أردت مراجعة أية مقالة حداثية واقعية ستجدها تتكلم عن الحوارات الجدلية، الديليكتيك، الصراع، الطبقية إلى آخره، وتجده مليء بالمصطلحات الشيوعية، وبعد ذلك له ما بعده، لماذا؟! لأن الأحزاب الشيوعية أخفقت كتنظيم، فاستعيض عن ذلك بفكرة ثقافية تتغلغل في الصحافة، وفي الأندية الأدبية، وفي كل مكان دون أن يشعر أن وراءها هدف آخر، ومن الثقافة ينشأ التنظيم، هذه هي عملية إعادة البناء، يقول جورباتشوف: من الثقافة ينشأ التنظيم، فأول شيء ثقافة شيوعية ثم بعد ذلك ننظم الناس، لكن يبدءون ينظمون الناس في الشيوعية ثم يثقفون المجتمعات بها أو عن طريق الثورة فلا تنجح.