للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب الفجوة بين الشباب الملتزم وكبار السن]

السؤال

غالباً ما تحدث فجوة بين الشاب الملتزم وبين كبار السن، فماهي الأسباب وكيف نتجاوز هذه الفجوة؟

الجواب

الأسباب كثيرة: منها ما يتعلق بالشاب، ومنها ما يتعلق بالكبار، والأمة الإسلامية لا تعرف هذا الانفصال الذي يُدَّعى دائماً بين الكبار والصغار، وبعض الناس يؤصلون هذا الانفصال، وينسبون إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا ترغموا أبناءكم على أن يعيشوا كحياتكم، فإنهم ولدوا لزمان غير زمانكم" أو ما أشبه ذلك، وهذا الحديث باطل وكذب لم يقله الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس في ديننا أن الشباب لهم رأي، وأن الكبار أو الشيوخ لهم رأي ووجهة أخرى، فلا نفترض هذا التعارض أو التضاد حتى لا نفكر كيف يجتمع هذا وهذا.

وإن من حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن جعل في الشباب طاقات، وهذه الطاقات توجهها حكمة الكبار، وتجاربهم؛ فالأمة جسد واحد، وكل عضو من هذا الجسد له قيمته وله دوره؛ فبعض الشباب قد لا يحسن أسلوب الدعوة، ولا يحسن التعامل -وكثيراً ما ننبه ولا نمل من هذا التكرار- إلى الإحسان في المعاملة وحسن الخلق، ولا سيما مع الوالدين الذين قال الله تبارك وتعالى فيهما: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:١٥] فإذا كانا كافرين، ويجاهدانك على الكفر، وأُمرتَ بأن تصاحبهما في الدنيا معروفاً؛ فكيف بهما إذا كانا مؤمنين، ولكن لديهما بعض الأخطاء أو الانحرافات أو التقصير؟! فلا بد من الرفق والإحسان، ومن ناحية أخرى يجب على الكبار أن يتفهموا أيضاً مشاكل الشباب، وألاَّ يقيسوا الأمور من خلال مفاهيم وتقاليد ورثوها، ربما تكون خاطئة، وربما تكون بحاجة إلى تعديل، وربما يكون ما عند الشباب خير.

لكن في بعض أمور الدين حقيقة، فالكبار ربما يكونون أكثر محافظةً على الصلاة -مثلاً- من الشباب، ولكن من جانب آخر، فالشباب أكثر إتقاناً لواجبات الصلاة وسننها وآدابها من الكبار، وهذا لا يعني الاختلاف، إنما يعني أن الابن يصحب أباه كلما استيقظ الأب وذهب إلى المسجد، والأب يأخذ من ابنه كيف يصلي، ولا يقل: (عشرون سنة وأنا أصلي هكذا، وأنت تأتي وتقول لي كذا) بل اقبل منه يا أخي، اقبل من ابنك؛ لأنه يعلم ما لا تعلم أنت، فلا بد من الإحسان والرفق والتفاهم من الطرفين.