[أقسام الناس في العبادة]
وديننا الإسلامي مبناه على أصلين عظيمين: الأول: ألَّا يُعبد إلا الله.
والآخر: أن يعبد الله بما شرع ولا يعبد بالأهواء والبدع.
ولا يكون حالنا في دعوتنا أو عبادتنا أحد الحالين اللتين خرج بهما أصحابهما عن الصراط المستقيم: الحالة الأولى: حالة من علم الحق وعرفه, ولكنه أعرض عنه واجتنبه، وهؤلاء هم اليهود المغضوب عليهم, وكل من سلك طريقهم, كما ورد عن ابن عباس وعن سفيان بن عيينة رضي الله عنهما: [[من ضل من علمائنا ففيه شبه من اليهود]] ولا نعني بالعالم -فقط- ذلك الذي هو عضو في هيئة كبار العلماء بل المغضوب عليه في هذه الحالة هو: كل من علم شيئاً من دين الله ولم يعمل به ففيه شبه من اليهود, يعلم أن الزنا حرام فيزني, أو أن الخمر حرام فيشربها, أو أن النظر إلى المرأة الأجنبية حرام وكل ليلة ينظر إليها, أو أن الربا حرام ويرابي ويتعامل مع المرابين كل يوم, هذا هو المتعرض لكونه من المغضوب عليهم، سأل الله العفو والعافية.
إذاً ما فائدة العلم إذا لم نعمل به؟ الحالة الثانية: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:٧] والضالون هم الطرف الآخر: وهم الذين عبدوا الله على ضلالة, وعبدوا الله على بدعة وعلى هوى وجهل, فلم يعبدوه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على علم وعلى بصيرة, وانظروا ماذا في الآية نفسها -آية الدعوة-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:١٠٨].
إذاً: أول شيء الدعوة إلى الله، لا إلى غيره أبداً, لا إلى النفس, ولا إلى الشيخ, أو الإمام أو من أحب أو من كره! لا أدعو إلا إلى الله وحده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على بصيرة, فلا ندعو على ضلالة, ولا ندعو على بدعة, ولا ندعو على رأي يخالف ما أنزل الله, بل على بصيرة وعلى علم من الله, وعلى برهان وحجة ونور وكتاب أو سنة.
{أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨] أي: ليس هذا الأمر خاصاً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل أنا ومن اتبعني, فهذا هو شأن كل أتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أنهم يدعون أولاً وقبل كل شيء إلى توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإلى أن يُعبد الله وحده لا شريك له, فلا يشرك به أبداً بأي شيء, وهذا هو شأنهم.