للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلام مقدم الندوة]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: أيها الإخوة: أحييكم في هذه الأمسية المباركة التي نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلها أمسية خير لنا ولكم، وأن نتعلم فيها كيف نحيا على كتاب ربنا استجابةً لأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال:٢٤] فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمرنا بالاستجابة له ولرسوله الكريم، وقبل أن نبدأ موضوعنا فإني رأيت كلاماً نفيساً قيماً لابن القيم يتعلق بتفسير هذه الآية، وفي بيان أن القرآن مادة حياة للناس.

يقول ابن القيم في تفسير هذه الآية: 'إن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسوله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات فالحياة الحقيقية هي حياة من استجاب لله ولرسوله ظاهراً وباطناً، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة هو أكملهم استجابة لدعوة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن كل ما دعا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ'.

ثم بين ابن القيم ما ذكره المفسرون في معنى قوله تعالى: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:٢٤] يقول: 'يعني للحق.

ثم قال: وقال قتادة: هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والحكمة في الدنيا والآخرة'.

وهذا هو موضوع ندوتنا لهذه الأمسية: كيف نحيا بالقرآن؟ ويحدثنا الشيخ سعيد شعلان في بيان أن القرآن مادة حياة كما قال ابن القيم، وكما قال قتادة في ذلك.