للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مجازاة الله لعباده]

السؤال

هل يجازي الله العبد على شيء قدَّره عليه؟

الجواب

إن كان القصد بالسؤال: هل سوف يجازيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على شيء هو الذي قدره عليه؟ فنقول: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غني عن طاعتنا كلها، وغني عن أن يظلم أحداً منِّا ولا يمكن أبداً، ولا أحد أحب إليه العذر من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل المعاملة على نوعين، كما قال: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة:٥٤] و {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:١٠٥].

فالمعاملة الأولى بالفضل، والمعاملة الثانية بالعدل، فأما الفضل فللمؤمنين فضل منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مثل حديث اليهود والنصارى، نحن عملنا من بعد العصر إلى غروب الشمس، وأعطانا الله ضعف ما عملوا {فقالوا: لم يا ربنا؟ قال: هل غمطتكم شيئاً من حقكم؟ قالوا: لا.

قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء} فالله تعالى يتفضل على المؤمن من عنده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فالإيمان بالله فضل من الله، وزيادة الحسنات فضل من الله، والقدرة الجسدية حتى نطيعه فضل من الله، والغذاء فضل من الله، وكل شيء فضل من الله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] والكافر وكله الله إلى نفسه، وأبان له الحجة، {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:٣] فلو جاء أحدهم، وقال: يا رب! أنا عندما كنت في الدنيا لم يبلغني آية ولا حديث ولا سمعت شيئاً من الدين، فهل هذا يكون مثل الذين يقول لهم خزنة جهنم: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الزمر:٧١] لا، ليس مثله، ولا يعامله الله مثله، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩] فهؤلاء يمتحنهم الله في عرصات القيامة؛ لأنه معذور فالصغير له حكمة، والزِّمِن والهرم الذي أدرك الإسلام في آخر عمره وما فقه منه شيئاً له حكمه، لكن السميع البصير العاقل الذي بلغه أمر هذا الدين، ورفض الاستجابة له، حتى لو جاء يوم القيامة، وقال: يا رب! أنت ما وفقتني للعمل الصالح، فهل هذه حجة عند الله عز وجل، والله عز وجل أعطاك القدرة، وأعطاك الهداية، وأقام عليك الحجة، فالحجة لله وحده {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام:١٤٩] وليس لأحد من الخلق حجة على الله تعالى بعد الرسل وبعد الحجج والنذر.