فالشرك في الربوبية أن يعتقد أن هناك خالقاً غير الله عز وجل أو أن هناك من له شرك في خلق السموات والأرض أو شيء منها، وإن كان ذرة! فإن الله تبارك وتعالى هو خالق كل شيء، كما قال عز وجل:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء}[الزمر:٦٢] ولا أحد من هؤلاء المدعوين المعبودين قديماً وحديثاً يملك أن يخلق شيئاً؛ لأن الله تبارك وتعالى تفرد بذلك، فهو الذي له الملك كله، وإليه يرجع الأمر كله، واعتقاد ما يعتقده بعض المعاصرين الآن وينشرونه في المجلات وفي الأفلام وفي غيرها من أن في إمكان الساحر والكاهن أو المنجم، أو أي إنسان كائناً من كان أن يخرج أو يحييَ ميتاً، كما قد يعرض أحياناً في أفلام الكرتون ويعرض في الدعايات مما يمس جانب الربوبية كل ذلك يعد شركاً بالله تبارك وتعالى! ومن الشرك في الربوبية من يعتقد أن في إمكان أحدٍ أن يعلم الغيب، أو يدبر الأمر، أو يحييَ الميت من غير تدبير الله تبارك وتعالى ومن غير فعل الله، وهذا مما يقدح في توحيد الربوبية، وهو شرك شنيع لم يعرفه الجاهليون الذين أخبر الله تبارك وتعالى عنهم بقوله:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٩]، فلم يكونوا يعتقدون أن أحداً يشارك الله تبارك وتعالى في خلقها بل حتى في تدبير الأمر:{وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}[يونس:٣١]، بل كانوا مقرين لله تبارك وتعالى بذلك، فهذا جانب عظيم، وعلينا أن نتنبه جميعاً، وأن نلحظ ذلك وأن نعلم أن الله عز وجل هو الخالق الرازق المحيي المميت، الذي ينزل الغيث، والذي يدبر الأمر، والذي يُعبد وحده في هذا الوجود.
ومما يناقض ذلك مما قد ينتشر مع الأسف الشديد في هذه الأيام بين الناس من اعتقاد أن الأولياء يديرون الكون كما تعتقده الصوفية، أو أن الأئمة -كما تعتقد الرافضة - هم الذي يديرون الكون! ويزعمون أن ذلك بتفويض من الله لهم! فكأنه أعطاهم ملكه وفوضهم بتدبيره! وهذا من أبطل الباطل وأمحل المحال؛ فإن الله تبارك وتعالى هو كما أخبر عن نفسه:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن:٢٩]، وهو الذي يرزق، وهو الذي يحيي، وهو الذي يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء، ويمنع من يشاء:{وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}[الشورى:٤٩]، وكل شيء لا يخرج عن حكمته وتدبيره، وهو من خلقه تبارك وتعالى وتصريفه عز وجل لهذا الكون فمن اعتقد غير هذا فقد أشرك في الربوبية.