هذه الخاصية العجيبة لهذا الدين -وهو أنه يغزو القلوب- لا تعنينا، ولا تعفينا من أن نقوم بواجبنا في نشره والدعوة إليه، والله تبارك وتعالى لو شاء لآمن الناس كلهم جميعاً، ولكنه ابتعث محمداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيرَ خلقه وأفضلهم وأكرمهم على الله- ابتعثه وعانى ما عانى في بدر وأحد والأحزاب، وتبوك، وغيرها لكي يقام هذا الدين وينتشر.
فإذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك فنحن أتباعه ولا بد أن يكون لنا جهد ودور وبذل في نشر هذا الدين، فصاحب المال بماله، وصاحب العلم بعلمه، وصاحب الوجاهة بوجاهته وكلٌّ بقدر ما أهله الله تبارك وتعالى.
فإن الله إنما ميَّزنا وشرَّفنا وفضلنا بهذا الدين، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:[[نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله]]، فهذه الشعوب التي جاءت إلى هذه البلاد إنما جاءت من أجل الدنيا، لا تحبنا ولا تعظمنا ولا تنظر إلينا إلا بمقدار ما تنال من كسب مادي في بلادنا، أما ما عظمنا الله وشرفنا به على العالم، فهو هذا الدين الذي لا تملكه أية قوة، ولو أن هذا الدين -بخلوده وعظمته وقيمه- يُشترى بالمال، لاشتراه الغرب، ولاشتراه الأمريكان، أو لاشترته أية أمة من الأمم التي تلهث الآن وتبحث عن مبادئ وقيم تعيش عليها.