وهنا يأتي سؤال وهو: هل الحكم الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في التوراة: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا}[المائدة:٤٥] وهو في شرع من قبلنا يلزمنا؟ أو هو مجرد إخبار من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن شرع من قبلنا؟ يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: 'وقد استدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إلى أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حُكي مقرَّراً ولم ينسخ، كما هو المشهور عن الجمهور'.
أي: ذكره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سبيل التقرير.
والأمر الآخر:(ولم ينسخ) فوجهة نظر هؤلاء العلماء أنه لما ذكر الله تبارك وتعالى حديث بني إسرائيل وقصصهم وخبرهم والحكم عليهم, أو ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ذكره إلا لنتّعظ ونعتبر ونعمل نحن -أيضاً- بذلك، فلو كان منسوخاً لجاءنا ناسخ متصل أو منفصل، لكن ما لم يأتِ ناسخ، فإنه إنما ذكره الله أو ذكره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليكون -أيضاً- ملزماً لنا، فالأصل أن دين الأنبياء واحد، وكذلك الشرائع ما لم يأت دليل بخلاف ذلك، ولا سيما وقد ذُكر في كتابنا لا لمجرد أننا وجدناه في كتبهم، فالجمهور على أن هذا يُعد شرعاً لنا، فهو ملزم لنا أيضاً.
وذكر عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال:[[هي عليهم وعلى الناس عامة]] أي كتبها الله على بني إسرائيل، وهي -أيضاً- على الناس عامة، وذكر من نقل الإجماع على ذلك.
ثم قال: 'وقد احتج الأئمة كلهم على أن الرجل يُقتل بالمرأة بعموم هذه الآية الكريمة'.
فهذه نفس وهذه نفس، وإن كان الجنس مختلفاً.
قال: 'وكذا ورد في الحديث الذي رواه النسائي وغيره: {أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب في كتاب عمرو بن حزم: {أن الرجل يقتل بالمرأة} وفي الحديث الآخر: {المسلمون تتكافؤ دماؤهم} وهذا قول جمهور العلماء '.