لم يكن هناك مناص، أو مفر من أحد أمرين إما أن تقع أحداث كأحداث تونس، والتي فيها الآن ما لا يقل عن خمسين ألف معتقل ومعتقلة، يعذبون بأشد أنواع التعذيب التي كانت في أيام جمال عبد الناصر كما في نافذة على الجحيم وقد كتب عن هذا شيء فظيع، وتواتر وتناقله الثقات من الإخوة السلفيين الموثوقين بعقيدتهم ونقلهم وكتبوا ذلك، وعندي أشياء كثيرة مؤلمة، ومقلقة تطير النوم، وتذهب الراحة من القلوب.
المقصود: أن هذا كان اختياراً أو حلاً، فلو سيطرت الجبهة الاشتراكية الحاكمة الخبيثة، أو جبهة القوى الاشتراكية فهذا ما يريدون أن يفعلوه، حيث يريدون التنكيل والإيذاء وضرب الصحوة وفتح المعتقلات، وهذا ما فعلوه أيضاً بـ الجبهة وأعضائها.
أو البديل الآخر مع اعتقادهم أن الديمقراطية كفر، وعلى أن نتائج الانتخابات قد لا تكون مضمونة، تلافياً للتهم وعدم الشرعية قالوا: ندخل، ونرتكب أخف الضررين، ونحقق أعلى المصلحتين، ونثبت للغرب والشرق أن هذا الشعب لا يريد إلا الإسلام، وهذا هو الذي عملت به الجبهة وغيرها في بعض الدول، وهناك فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بأنه إذا كانت الضرورة، أو مصلحة الدعوة في دخول الانتخابات أو البرلمان فلا بأس بقيودها، وهكذا حصل.
فتصوروا جبهة تحارب ويعتقل منها الآلاف، وإلى الآن شيوخها في السجن كالشيخ: عباس مدني والشيخ: علي بلحاج؛ ومع ذلك تأتي الانتخابات، وتأتي هذه النتيجة العجيبة، فيكون للحزب الحاكم (١٦) مقعداً والجبهة (٢٠٢) وقد تصل إلى (٢١٠)، فهي نسبة غريبة جداً، تدل على أن هذه الأمة لا تريد إلا الإسلام ولا نعني أن كلهم صحابة فضلاء علماء، ولكن المقصود أن الرغبة والعاطفة والشعور إسلامية، فالمعنى أنهم مستعدون أن يتربوا على الإسلام ويتبعوا المنهج الإسلامي بدل المنهج الاشتراكي، ويريدون المحاضن الإسلامية بدل المحاضن العلمانية، وتعليم العربية بدل الفرنسية، وتعلم التفسير والتوحيد والفقه والحديث بدلاً من تعلم الكفر والإلحاد والتاريخ القومي وغير ذلك.
فهذه دلالة على أن الشعوب تريد الخير، وشعب الجزائر شعب غيور، وصادق ومتدين بالفطرة والحمد لله.