يجب أن نذكر الناس ونربطهم بالله، وأن نقول لهم: ارجعوا إلى القرآن، واعمروا المساجد، وكفوا عن التبرج والاختلاط في الأسواق ومروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وتوبوا إلى الله، وغيروا ما بأنفسكم فيغير الله ما بكم:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}[الرعد:١١] وإذا غيرتم؛ ستجدون أن الله يُذهب صدام بانقلاب عسكري أو بأي شيء، فيجب أن نبدأ بالتغيير من الآن.
فالملحمة مع الروم لن تكون سهلة، ولن تكون يوماً وسنة، وسنتين، بل إنها ملحمة ومعركة طويلة، وهي تحتاج أول ما تحتاج إلى أمة مؤمنة صابرة متقية:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[آل عمران:١٢٠] فأول شيء نعمله أن نصطلح مع الله، فنلغي الربا، ونلغي الزنا الباطن المتمثل في الفاحشة، والزنا الظاهر المتمثل في التبرج والسفور؛ ونلغي الغناء والرشوة والغيبة والنميمة والحسد والبغضاء بيننا نحن المسلمين.
ونلغي كل نظام يخالف شريعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بحيث كل الأمور يكون الحكم فيها لكتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونراجع أنفسنا: ماذا أذنبنا؟ وماذا أخطأنا؟ وماذا فعلنا؟ ونتوب إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثم بعد ذلك نعد العدة ما استطعنا:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}[الأنفال:٦٠].
فنعد لهم ما استطعنا، وسينصرنا الله عز وجل، فلا شك أن الروم والغرب هم أعداؤنا إلى قيام الساعة -كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلنعد لهم العدة، ونعلم أنهم لا بد أن يواجهونا يوماً ما، ثم نجعل جميع موازيننا وفق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا أعطينا نعطي لله، وإذا منعنا نمنع لله، وإذا غضبنا نغضب لله، وإذا رضينا نرضى لله.
ونخشى لو حلّت هذه القضية أن نعود أصدقاء نحن وهؤلاء المرتدون؛ فيجب أن نعاملهم كما أمر الله أن نعامل الكفار، ويجب أن تكون موالاتنا ومعاداتنا في الله ولذات الله، فهذه العقيدة يجب أن نتمسك بها، فإن متنا نموت ونحن متمسكون بها، وقد عملنا ما استطعنا، وأعددنا ما استطعنا، وإن عشنا فالنصر لنا -بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وتأكدوا بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف ينصرنا.
وإن لم يكن النصر في جيلنا هذا الذي هو جيل المعاصي، فسيكون في جيل آخر، يأتي به الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو الجيل الذي سيتربى بعيداً عن العقد النفسية.
وعندما جاءت الحملة الصليبية الأولى ودخلوا أنطاكية، كان عددهم خمسة الآف فقط، لكن الأمة كانت مشغولة بالشهوات، وقد فرقتها العصبيات والفرق والطوائف الضالة، وكان أغلى شيء في تلك الأيام هو المطربات، وأغلى سلعة في السوق كانت الجارية المغنية، حيث وصلت أسعارهن إلى عشرة الآف دينار، وإلى مائة ألف دينار، وكان أهم شيء عندهم هو الطرب واللهو واللعب.
وكانوا أمة كبيرة جداً، ومواردها هائلة، ثم بعد ذلك خمسة آلآف من الصليبيين يذلونها؛ والحملة الثالثة كانت ثلاثمائة ألف صليبي من جميع دول أوروبا جاءوا وهُزموا بعد خمسين سنة تقريباً؛ لأنه ظهر جيل مؤمن بالله لا يعرف ذلك الفسق والهبوط واللهو الذي كان عند أولئك.