جاء التلفاز بعد ذلك وفي أول الأمر وأذكر -كنت حينها في المرحلة الابتدائية في الرياض - أن أحد العلماء خطب، وقال:"لقد وعدنا وعوداً قاطعة جازمة، ألاَّ يكون هناك امرأة تظهر فيه، ونعوذ بالله، وهل يعقل أن نظهر النساء في دولة الإسلام" كلمات قوية لا زلت أحفظ بعضها إلى الآن، فكانت هناك وعود من المسئولين ألاَّ تظهر المرأة في التلفاز، وأنه لن يكون فيه موسيقى، وأنه لن يكون إلا وسيلة للخير، وهو سلاح ذو حدين، قلنا: مادام ذو حدين الحمد لله، لو كان حداً واحداً لغضبنا، وسكت الناس وخدعوا.
وبعد فترة قالوا: لا بد للمرأة أن يكون لها دور، قالوا: الطبخ كيف تتعلمه؟ فكانت تظهر حلقات وبرامج صغيرة عن الطبخ، تظهر فيها الكفان فقط وهي تقطع البصل.
بعد مدة ظهر الذراع، ثم ظهر الوجه، ولكن كانت متسترة وكبيرة في السن، قلنا: هذه من القواعد، فلا مشكلة، نعم دائماً يضحكون علينا لأننا نحن الذين نقبل هذا، ولا أحد يستنكر.
واحد يسكت، وواحد يقول: أنا أصلاً ما أدخلت التلفاز بيتي، فليذهب الناس إلى الجحيم أو الجنة، فالطريق واضح؛ وكل ذلك في ذمة الذي أتو به -المهم أن لكل إنسان أعذار- وبدأت المرأة.
وبدأ بعد ذلك -وكما رأيتم- الانفتاح قالوا: نأتي بمسلسلات ونراقبها، بدأت المسلسلات ثلاثة أنواع أو أربعة؛ مسلسلات أجنبية أمريكية وغربية وغيرها، مسلسلات مصرية ومصر كانت قد قطعت شوطاً في التغريب- والأخرى المسلسلات البدوية، وكل نوع من الشعب يُفسد بوسيلته التي يعجب بها، أهل البادية يحبون المسلسلات البدوية، تجعلها بعد المغرب أو في وقت مبكر قبل أن يناموا، أما الأفلام الأمريكية آخر الليل وهكذا، والمصرية بعد العشاء -مثلاً- المهم كل واحد على منزلته، فلا تظل فئة من فئات المجتمع إلا ودخلها الفساد.
اعمل إحصائية لهذه المسلسلات وقسها وانظر، فإن لم نقل (١٠٠%)، فـ (٩٠%) منها عشق وغدر، وزنا، وفساد، وخلاعة، وفي النهاية إن كان الزواج آخر شيء، حفل الزواج آخر مقطع في المسلسل بعد ثلاثين أو أربعين حلقة، أما ما قبل ذلك من الصحبة والذهاب والرجوع والمرأة تقود السيارة، وتذهب وتواعد حبيبها وتركب معه السيارة، كل هذا قبل الزواج بمراحل، في أول الفيلم وأول المسلسل هكذا كانت الخطة.
وسكت الناس وما كان يدور في عقولهم أن ما نراه في الشاشة، سيأتي من يطالب به في الواقع، وهذا من استحكام الغفلة على قلوبنا-نسأل الله العفو والعافية-.