كان نور الدين رحمه الله يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمور كثيرة، يقول المؤرخون: كانت تُقرأ عنده السيرة والعلم، فقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج للحرب متقلداً السيف، أو معلقاً إياه في حمائل تدور حول الرقبة كأنها القلادة.
قال: سبحان الله! ولماذا نحن نحزم السيوف في حزام ونجعلها في الوسط؟ فأمر أفراد جيشه أن يغيروا الأحزمة، وأن يلبسوا السيوف كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلبسونها؛ لعل الله ينصرنهم، كان يريد أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذه الأمور، وذلك بغية أن ينصره الله سبحانه وتعالى، وقد نصره الله سبحانه وتعالى، وجدير بمثله أن ينصر؛ لأنه على هذه الحالة.
يقول المؤرخون: كان قد أقبل يعد للجهاد آلته مما آتاه الله، ونشط في البناء والتعمير؛ حتى أنفق فيهما مئات الألوف، وقد أعانه على ذلك أنه لم تكن له نفقات قصور ولا خدم ولا حشم ولا جوارٍ، ولا مجالس أنس تملأ أفواه الندامى فيها بالدر والدنانير جوائز على أبيات من شعر الملق السخيف، وإنما كان يبني المدارس والمساجد والمستشفيات، ويقيم أسوار المدائن وقلاعها إلى آخر ما ذكروه.