للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيمان بلاعمل يدل على ضعف الإيمان بالغيب]

السؤال

بعض الناس يترك الأعمال من أوامر ونواهٍ، ويقول: أنا مؤمن، ولو كان مؤمناً لاستعد لذلك اليوم العصيب، فهل هذا بتكذيبه العملي يعتبر مكذباً بالغيب؟

الجواب

هذا في الحقيقة لا نسميه مكذباً بالغيب، ولكننا نقول: إنه ليس مؤمناً بالغيب إيماناً حقيقياً، أو إيماناً كاملاً؛ لأن المؤمن بالغيب يظهر أثر ذلك على جوارحه، وعلى أعماله، فالإيمان عند أهل السنة والجماعة: ظاهر وباطن، قول وعمل، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ وحسبنا في ذلك أن نعلم كيف آمن الصحابة الكرام بكل ما أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجنة أو النار، فظهر أثر ذلك -كما تعلمون- في حياتهم رضوان الله تعالى عليهم كاليقين، فإنها أثر من آثار الإيمان كما قال علي رضي الله تعالى عنه: [[رأيت الجنة والنار قيل: كيف؟ قال: رأيتهما بعيني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال الله تبارك وتعالى عنه: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:١٧]]] فرؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للجنة والنار التي كانت ليلة الإسراء، والتي كانت في مرات أخرى، حتى لما مثلت له الجنة والنار في الحائط وقال: {ما رأيت مثل اليوم في الخير والشر} وأخبرهم بما رأى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومرات كثيرة يرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً من ذلك أو يمثله الله له في اليقظة، والناس لا يرون؛ فيخبر أصحابه بذلك، فينتقل هذا الإيمان مباشرة في قلوب الصحابة الكرام إلى خوف من الله وخشيته، وإلى تقوى وجهاد وإيثار للآخرة، ورغبة فيها، وعزوف عن الدنيا وشهواتها، وعن مطامعها المحرمة، إلى الاستقامة على دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الذي يقتضيه الإيمان الحقيقي للغيب.