وينبغي بعد ذكر هذا الوعيد، أن نبشركم بشرى عظيمة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي قوله صلوات الله وسلامه عليه:{من ذب عن عرض أخيه المسلم ذب الله عنه النار يوم القيامة} فكل واحد منا يتمنى ذلك، وغاية ما نرجوه ونتمناه أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحفظنا، ويحمينا، ويجيرنا من النار، وأن يدخلنا جنته، وينيلنا مرضاته، ويمتعنا برؤية وجهه الكريم.
فهذا المطلب العظيم غاية غالية، تحصل لك يا أخي المسلم بأمر ليس بكثير، وليس بكبير، بل هو هين، وميسور، وسهل لمن يسره الله تعالى له.
وهو أن تذب عن عرض أخيك المؤمن إذا ذكر بما ليس فيه وإذا اغتيب أو نيل منه وهو غائب وأنت حاضر، فما عليك إلا أن تقول: لا، اتقوا الله، وتبين أن هذا كذب، أو افتراء، أو حرام، أو إثم، وتذكر ما فيه من الخير، وما تعلم عنه من الصلاح، ولا تزكيه على الله تبارك وتعالى.
فهذا الحديث فيه هذا الفضل العظيم، لأن الناس قد لا ينتبهون له، وقد يجاملون غيرهم، وعادة أن الناس في مجالسهم يجامل بعضهم بعضاً، فإذا تكلم واحد، قالوا: صحيح والله، ولو أن المتكلم أثنى ومدح، لقال القائل: نعم صحيح هو كذلك.
وهكذا عادة الناس -مع الأسف- أن يجاملوا المتحدث، لكن المؤمن لا يجامل أو يثني على من لا يستحقه وإنما يقول الحق، ولذلك فإن المؤمن يرى بحسب المصلحة والمفسدة المترتبة، فيقول: لكن دينه كذا، وصلاته كذا حتى ينبه الحاضرين.
فلا نريد المجاملة من الحاضرين والسامعين للمتحدث، فإن كان الغائب رجلاً صالحاً، فقام أحد الحاضرين وقال: لا، اتقوا الله، ما علمنا فيه إلا خيراً، وهو كذا وكذا، وأثنى عليه بما فيه من الخير، وذب عن عرضه.
فليحتسب عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يذب الله عنه النار يوم القيامة، وكفى بذلك أجراً وكرماً من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.