يقول:(أبى الله أن يقبل من مشرك عملاً أو أن يقبل فيه شفاعة، أو يستجيب له في الآخرة دعوة، أو يقبل له فيها رجاء).
هذا ليس له رجاء أبداً، فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله، حيث جعل له من خلقه نداً، وذلك غاية الجهل به، كما أنه غاية الظلم.
أسوأ صفتين في الإنسان واحدة منهما تكفي، لكن إذا اجتمعتا فلا شر أكثر منهما ما هما؟ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}[الأحزاب:٧٢] فهما: الظلم والجهل، غاية الجهل أن يجعل مع الله نداً، وغاية الظلم أن يسقط حق الله ويعطيه لغير الله بالشرك، هذا غاية الظلم وغاية الجهل.
فإذا اجتمع الظلم والجهل فكل شر في الدنيا خطر على بالك فهو آت من قبل الظلم أو الجهل، فالمشرك جاهل بالله، ما قدر الله حق قدره، ولهذا عبد معه غيره، وهو ظالم لنفسه مبين أشد الظلم بصرفه حق الله الخالص وإعطائه لغيره، عبد مثلك، بشر، مخلوق، يقول كما قال فرعون وقومه:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}[المؤمنون:٤٧] يريدون أن يستعبدوا الناس كما ذكر الله سبحانه وتعالى، لكن لا لوم في الأصل فهم كلهم ملامون، لكن المقصود أن أصل الشر والبلاء يأتي من قبل العابدين؛ لأن المعبودين من دون الله تعالى أسماء سماها العابدون، لو لم يعبدوهم ما كانوا شيئاً، ما منزلة فرعون لو قال له قومه: حين قال: أنا ربكم الأعلى كذبت أنت بشر مثلنا، ماذا سيفعل فرعون؟ لا شيء، فما بالك بالحجارة، أو شجرة عبدت من دون الله؟ فإذا ترك الناس عبادة الشجرة هل تضر شيئاً أو تنفع؟! كلها أسماء، العادات أنها أسماء: المبادئ، الحرية، والديمقراطية والاشتراكية، أسماء سماها الناس وجعلوها أصناماً، فإذا تركوها لا تفعل شيئاً أبداً.
إذاً: من السبب الحقيقي؟ العابدون، ولهذا هل ينفعهم يوم القيامة عندما يشكون إلى الله سبحانه وتعالى يقولون: إن الذين أضلونا هم هؤلاء الكبراء وهل ينفعهم قولهم: {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ}[الأحزاب:٦٧] وغير ذلك مما قص الله تبارك وتعالى كما في البقرة وفاطر وغيرها من السور، هل ينفع؟ لا ينفع الضعفاء هذا العذر؛ لأنه في الحقيقة لو تأمل المتأمل لوجد أنه لولا هؤلاء الضعفاء لما تفرعن أو المعبودون من دون الله سبحانه وتعالى.
إذاً: هذا الجاهل بالله هو الذي يدعو غير الله مع الله، وهو هذا المشرك.