إن كثيراً من الناس يريد أن يطلب العلم في هذه البلاد وفي بلاد أخرى، ويتمنى ويحرص على أن يأتي إلى هذا البلد الأمين, ويطلب العلم ويتلقاه من هذه المنابع النقية الصافية، ولكن لا يتاح له ذلك، وهذا يوجب على من أنعم الله عليه بهذه النعمة أن يُعطيها حقها من الشكر، والإخلاص لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في طلب العلم, ومن الدعوة إلى الله عز وجل ونشر هذا العلم، وتحقيق ثمرته، ومن التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر، في سبيل نشر هذا الدين؛ الصبر على طلب العلم، والصبر في سبيل الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وإن مما ينبغي لطالب العلم أن يعلمه: أمر الأمة الإسلامية وحالها لا يخفى على أحد منكم، وأنتم خلاصة مختارة، وصفوة منتقاة من هذه الأمة، والآمال بعد الله تبارك وتعالى معلقة عليكم, سواءٌ كان الواحد منكم من المملكة أومن خارجها، فلا بد أن وراءه من ينتظره؛ المدرس تنتظره مدرسته، وتنتظره مدينته، أو بلدته، أو قبيلته، وأي عمل من الأعمال فالآمال تعلق على شباب جاءوا لطلب العلم, ويريدون وجه الله تبارك وتعالى, ويراد منهم أن ينفعوا هذه الأمة التي تعاني -كما ترون جميعاً- من نقصٍ في المتخصصين في العلم الشرعي الداعين إلى الله تبارك وتعالى على بصيرة وبينة.
إنّ أمتكم -ولله الحمد- في إقبال وهذه بشرى، ونحمد الله الذي منَّ بهذه الرجعة والأوبة والتوبة إلى الله، فالأمة الإسلامية في حالة غليان، وفي حالة توبة وأوبة وعودة إلى الله عز وجل، ولكن من الذي يرسم لها معالم الطريق؟! ومن الذي يأخذ بيدها إلى النهج القويم؟! ومن الذي يرشد هذه المسيرة والأوبة والتوبة؟! إن الأمانة -بلا شك- مُلقاة على طلبة العلم من أمثالكم، وهذه الأمانة لا يقوم بها إلا من بدأ يعد العدة للقيام بها، ويجب أن نعلم أن هذا الإعداد مُتنوِّع وثقيل, ولكن لا بد منه, وإلا فليتهم الإنسان نفسه.