الحمد لله، حكم أهل البدع بإيجاز قد بينه الصحابة الكرام، كما فهموه وسمعوه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكما قرءوه من كتاب الله تعالى وأهل البدع أصناف:- منهم من يُقْتَل فيُقَاتَل، ولهذا قاتل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخوارج وقتلوهم، ومنهم من يُهجر ويُزجر، وهذا أدنى ما يجب، فقد هجر السلف الصالح أهل البدع، حتى إن بعضهم أقسم ألا يجتمع مع صاحب بدعة، حتى إن واحداً من السلف لما جاءه صاحب بدعة، أقسم ألا يجتمع معه تحت سقف واحد غير المسجد، وجاء رجل من أهل البدع إلى أيوب السختياني رحمه الله، فقال: نريد منك كلمة؟ فقال له: ولا نصف كلمة، أما الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة والجماعة فقد نهى عن الصلاة خلف أهل البدع، والسلام عليهم، ومؤاكلتهم، ومجالستهم، وأمر بهجرهم وبزجرهم.
فمن كان من أهل البدع، وكانت بدعته مغلظة كبيرة، وخرجت إلى حدود الشرك أو الكفر، فهذا حكمه القتل، فإذا كانوا طائفة مجتمعة، فإنهم يقاتلون حتى يرجعوا إلى السنة، وإن كان فرداً يدعو إلى بدعته فإنه يقتل -أيضاً- كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث -ومنها-: التارك لدينه المفارق للجماعة} فترك الدين، ومفارقة الجماعة -أي مفارقة السنة إلى البدعة- يقتضي إباحة دم المبتدع.
وإن كان لا يدعو إلى بدعته أو متستراً بها، فإنه يزجر ويراقبه المجتمع المسلم مراقبةً شديدة؛ حتى لا يبث هذه البدعة، لكن لا يقتل أو يقاتل حتى يظهر شيئاً من ذلك، ويتيقن عنه، فهناك شروط وأحكام معروفة.
وحاصلها أن صاحب البدعة يجب أن يكون مرذولاً مهجوراً في المجتمع المسلم مثل الذي يحمل أشد الأوبئة، كالإيدز في هذا العصر، أو أي وباء خطير، ويعزل ويفصل عن المجتمع، فلا يجالس، ولا يؤاكل، ولا يشارب، حتى لو جاء يجادل بكتاب الله أو يتكلم بآيات من كتاب الله أو من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه يهجر؛ لأن الهجر فيه حكم عظيمة.
أعظم ما في ذلك أننا نتبع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، ومن ذلك أن القلوب تضعف من الشبهات، كما قال بعض السلف لما قيل له:[[لِم لا تسمع من أهل البدع؟ قال: إن القلوب تضعف عن الشبهات وما يدريني أن يقول كلمة فتبقى في قلبي فلا تزول]].
إذا كان السلف الصالح يقولون: لا تقرأ أي كتاب من كتب أهل البدع مع أن فيها ذكر الله، فنحن نقول: لا تقرأ ولا تفتح لهم كتاباً أبداً، ولا تجالسهم ولا تسمع لهم شريطاً أبداً، احذرهم واحذر كتبهم واحذر السماع منهم، فإن هذا أشد من السم عليك، ولك في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي علماء المسلمين الثقات الغنية والغنى.
أما مسألة الصلاة خلف أهل البدع، فقد فصل فيها العلماء، فقالوا: إن كانت البدعة مكفرة كبدعة غلاة الروافض وغلاة الصوفية، فالصلاة خلفهم لا تجوز، ولا تصح، وإن كانت البدعة ليست مكفرة، ولا تخرج من الملة، فالصلاة لا تجوز خلفه، لكن إن وقعت صحت، كما لو كنت عابراً مجتازاً من طريق في مكان ما، فصليت خلف إنسان ولا تدري عنه أنه مبتدع، فَبَلَغَكْ فيما بعد، أو علمت أن هذا إنسان لديه بدعة من البدع، فإن صلاتك صحيحة ولا تُعد، لكن لا يجوز أن تتعمد الصلاة خلفه، هذه بعض الأحكام المتعلقة بأصحاب البدع عافانا الله وإياكم منها!