[ليالي العشاق]
السؤال
لقد رأيت العشاق في أحد الليالي بعد نهاية مباراة قدم، حيث خرج بشر لا يحصيهم إلا الله، والأمر المبكي أن بعض الرجال خرجوا ومعهم نساؤهم وسط زحمة الرجال، وبعضهم ترى على مظهره ملامح الصلاة، ولكنهم عشاق من نوع آخر، وهم يُطبِّلون ويرقصون، فما رأيكم في هذا؟
الجواب
ليالي العشق حالة عجيبة جداً لا نستطيع أن نأتي عليها في ليلة ولا في ليالي نسأل الله أن يحفظني وإياكم:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا
وأساس العشق هو: خلو القلب من الإيمان بالله، وخلو القلب من الهم الذي يشغله بما ينفعه ويهمه في دنياه أو في أُخراه عن هذه السفاسف والأمور التافهات.
أما هؤلاء العشاق فهم ليسوا بعشاق ولكنهم دياييث، فالاسم الشرعي للرجل الذي يخرج وتتبرج زوجته، ويراها الناس من أجل مباراة أو غيرها هذا اسمه ديوث، والدياثة درجات -نسأل الله أن يحفظ المسلمين منها جميعاً- أسوؤها أن يعلم الفاحشة في أهله ويسكت عنها، فهؤلاء لا يُعدون من أهل الغيرة في شيء، وليسوا من الإيمان في شيء.
أما الإسلام -كما هو معروف- فلا نخرجهم منه، لكن لا يمكن أن يكون إنسان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، وهو يرضى بفاحشة في أهله ويسكت عنها، أو فيمن تحت ولايته نسأل الله العفو والعافية.
أما من يرضى بالتبرج، ويرضى بالنظرة فهذا له من الدياثة بقدر ما يرضى، ويكون فقد الغيرة بقدره وكلٌّ بحسبه.
وبعض الناس وصلت به هذه الدياثة وفقد الغيرة إلى أنه يجمل ابنته بنفسه، ويراها تتزين لتقدم برنامج الأطفال أو برنامج كذا وكذا، وربما افتخر بذلك، فهذا ممسوخ! وليس فيه من الغيرة شيء، فهو يرى الناس يتلذذون بالفتاة المسكينة، وربما لا يدري ولا يعلم.
وبعض الناس يقول: صغيرة، فهذه الآن بنت ثمان سنوات، ثم عشر سنوات ولا زالت صغيرة، ثم ثلاث عشرة سنة وهو يقول: صغيرة، وتبلغ وهي ما زالت في برنامج الأطفال، حتى إذا افتتن بها أحد وسأل بنت من هذه؟ وأين تدرس؟ قالوا: في مدرسة كذا، فيعاكسها، وأكثر المصائب سببها الدياثة، وهو أنه أخرجها أمام الناس، في برامج الأطفال، وكأن الأطفال لا يحتاجون إلا للطبل والرقص واللهو واللعب.
إن أطفال علماء السلف الصالح، وخيار هذه الأمة كانوا شباباً في مثل هذا العمر يقودون الجيوش:
قاد الجيوش لسبع عشرة حجة يا قرب ذلك سؤدداً من مولد
قاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، واليوم يقال: ما زال طفلاً صغيراً اتركه يلعب، الرجال في مثل هذا السن قادوا الجيوش من عهد ابن قاسم الثقفي إلى محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وهو في الرابعة والعشرين من عمره، أي: بعمر ضابط تخرج من الكلية، وهذا يقود أمة، ويفتح البلد التي عجز عنها الملوك والخلفاء قبله، وغير هذا كثير في تاريخنا.