حكم كبار العلماء في قيادة السيارات شيء جيد، لكن أود منهم أن يفتوا، وأن يقوموا بالدعوة إلى إقفال تلفاز القناة الثانية وغيره؟
الجواب
موضوع قيادة السيارة للمرأة لا يحتاج فيه إلى كلام، وليست القضية قيادة المرأة للسيارة أبداً، ولا نعالج الخطأ بالخطأ، ولا نعالج المرض بالمرض، أصل قضية المرأة الله سبحانه قد حسمه وقد حله:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:٣٣] وقرن هذا الأصل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الأحزاب:٣٣] هذا كلام رب العالمين، فالأصل هو أن تقر المرأة المسلمة في بيتها، ولا تخرج إلا لحاجة أو ضرورة، هذا أمر آخر وشيء يبحث، وفي حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة والتابعين كان هذا واقعاً فلا جديد في الأمر، أما أن نخرج على شرع الله في أمر من الأمور، ثم نريد أن نرقع، فنحل المشكلة بخطأ أو مصيبة أخرى؛ فلا يُضحك علينا بذلك.
الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهموا أول الأمر من نزول الحجاب أن ذلك حتى لا تُعرف المرأة أصلاً، والحديث الصحيح الذي رواه البخاري في عدة مواضع ورواه غيره من حديث سودة رضي الله تعالى عنها لما خرجت أم المؤمنين من عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتعشى وفي يده عرق اللحم، خرجت فرآها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في الليل، وكانت محجبة، لكن كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها في الحديث:{وكانت امرأة بدينة لا تخفى على من يراها، قال عمر: قد عرفانك يا سودة فانظري كيف تخرجين، فانكفأت رضي الله تعالى عنها راجعة}.
انظروا إلى أخلاق وآداب الإسلام، انكفأت راجعة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت له ما قد جرى، فتغشى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان يتغشاه إذ نزل الوحي وما يزال اللحم بيده حتى أفاق، ثم قال:{إن الله قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن}.
أي: ليس الشرط أن لا تعرف المرأة، حتى لو عُرِفَت أنها فلانة، ما لها ذنب، ما دامت متسترة ومتحجبة، لا يُرى منها شيء.
انظروا! كيف فهم الصحابة من الحجاب أنه لا تعرف أصلاً، لا يرى إلا السواد، ولا يدرى سواد من هذه.
فكيف الآن يقال: تقود أو لا تقود، لا ينقلونا نقلةً بعيدة، فالمسألة مسألة التزام بأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا بد أن نلتزم به، وقيادة السيارة يرجع الأمر فيه إلى أصل الخروج وإلى حاجته، وإلى ضرورته، وإلى تحريم الخلوة بالسائق الأجنبي، وإلى غيره من الأمور المحكمة في هذا الشأن والتي تكلم فيها علماؤنا والحمد لله.