فهل في أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذي أنزل هذا الكتاب مفصلاً، والذي يشهد أهل الكتاب أنه منزل من ربك بالحق، وبأنه تمت كلماته صدقاً وعدلاً، أي: صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، وأنه لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم؟! سبحان ربنا ما أعظمه وما أجل شأنه! ' وتأمل قوله:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً}[الأنعام:١١٤] فهي مثل قوله تعالى: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً}[الأعراف:١٤٠] وقال: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}[الكهف:٢٦]{وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}[الكهف:١١٠] فجعل العبادة والحكم سواء، وهنا جعل اتخاذ غير الله رباً أو اتخاذ غير الله حكماً سواء.
إذاً: هو وحده له الحكم، وهو وحده له العبادة، والشرك في هذه كالشرك في تلك.