لدي قريب يتعامل مع المشعوذين، فنصحته ولكن دون جدوى، فتركته ولم أزره ولم أدخل بيته.
فما رأيك في ذلك؟
الجواب
إن التعامل مع الدجالين والمشعوذين من الظواهر السيئة، ومع الأسف فقد بدأت تنتشر؛ وليس ذلك إلا نتيجة لغياب الدعوة إلى العقيدة الصحيحة من وسائل الإعلام والمنابر الخاصة والعامة.
فإذا قصرنا نحن الدعاة في دعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة وبيان التوحيد وبيان الشرك وخطر الخرافات والبدع؛ فلا نستغرب أن يقع في الناس ما يقع.
ولهذا كَثُرَ الذهاب إلى المشعوذين والدجالين مع أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حسم هذا الأمر، فقال:{من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد} لأن مما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}[الأنعام:٥٩] فلا يعلم الغيب إلا الله، أو من أطلعه الله -من رسله- على شيء من الغيب.
فأمَّا الذي يذهب لا بقصد أنه يصدق الكاهن؛ لكن كما يفعل بعض الناس، يذهب إلى بلد من البلدان للسياحة؛ فيجد أُناساً يقرؤون الفنجان أويجد سحرة؛ ومن جملة السياحة في تلك البلاد، أنه يذهب إليهم، ويعرض لهم مشكلته، ويعطيهم مبلغاً من المال على سبيل الاستهزاء ولا يبالي بأي جواب يقولونه فهذا يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه:{من أتى عرافاً أو كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً} فأعظم الأعمال وأزكاها عند الله -إذا حسنت وصلحت- هي الصلة بين العبد وبين الله، تنقطع أربعين يوماً إذا ذهبت إلى أي كاهن وما صدقته ولا اعتقدت صدقه، إنما من أجل الفرجة أو السياحة أو لتنظر ماذا يقول؛ فيأتي إلى الكاهن إنسانٌ جاهل ويصدقه؛ فإذا قلت له: لماذا ذهبت إلى الكاهن وصدقته؟ قال لك: رأيت فلاناً يذهب إليه.
فنيتك أنت لا يدري بها الناس وهكذا؛ فتكون أنت ممن كَثَّرَ سواد أهل الشر.
وأقول لصاحب السؤال: لا تهجره، وزره وانصحه ونوّع في النصيحة؛ وإن رأيت أنها لا تجدي معه نصيحتك؛ فأرسل إليه من ينفعه الله بنصيحته كأي إنسان مستقيم أو صاحب خير، كقريبٍ لك يعرفه ويثق فيه.
المهم أن تبذل الوسيلة؛ فإن بذلت وعجزت فإن ابن نوح عليه السلام كفر، وامرأة لوط عليه السلام كفرت، وأبا إبراهيم عليه السلام كفر، وعم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفر؛ وقال تعالى:{ِإنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص:٥٦].
فتجتهد في الدعوة وتصبر، والعاقبة للمتقين، والهداية من الله رب العالمين.