الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، الذي أوضح الله تعالى به المحجة وأقام الحجة وأبان الدين، فلم يبق من أحد بلغته دعوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا آمن أو قامت عليه حجة رب العالمين، ولله الحجة البالغة على خلقه أجمعين.
أما بعد: فإن موضوع القدر موضوع عظيم، والإيمان به ركن من أركان الإيمان، ونحن في عصر كثُرت فيه الشبهات، والتساؤلات عن القدر، وهي قديمة في الحقيقة، ولكن في هذا الزمان اجتمعت شبهات الماضين مع شبهات المعاصرين، وما استجد عند الناس مما تلقيه شياطين الإنس والجن؛ فأصبح الناس في حاجة إلى تجلية هذه القضية، كما هو الشأن في بقية أركان الإيمان وقضايا العقيدة.
والذي دفعني -في الحقيقة- إلى اختيار هذا الموضوع هو كثرة الأسئلة عن القدر، فأحببنا أن يكون هذا الموضوع عن هذا الركن المهم من أركان الإيمان، وبإذن الله تعالى سوف نجيب على أسئلة وإشكالات حول هذا الموضوع؛ لأنه موضوع دقيق وشائك، ونحاول بما يعيننا الله تبارك وتعالى ويفتح علينا به أن نأتي على ما نستطيع أن نأتي عليه من الشبهات في هذا الموضوع، بإذن الله تبارك وتعالى.