إن الفنون وحتى الآداب أريد لها أن تنتكس لتخضع لكل تلك المعايير السابقة، ولا شك أنها نكسة كبرى ابتليت بها الإنسانية، ومن فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن إحدى النظريتين الغربيتين الكبيرتين قد انهارت وهي النظرية الشيوعية الماركسية فعندما كنا نتحدث عن هذه النظرية قبل سنوات، قبل ظهور جورباتشوف والبروسترويكا، كنا نحتاج أو نضطر أن نتكلم عن خلل وفساد الشيوعية، ومنافاتها للفطرة، وأنها لا تصلح أن تكون نظريةً اقتصاديةً، ولا اجتماعيةً، ولا تربوية، فضلاً عن أنها تصلح أن تكون عقيدة كما أراد أصحابها، أو نظرية في الأدب والفن اللذين هما أعمق وأعقد من أن تدخلها أي نظرية تجريبية عادية، كنا نحتاج إلى ذلك، وإذا بنا نرى انهيارها.
فالثورة الشيوعية قامت وحكمت روسيا في عام (١٩١٧م)، والبروسترويكا -أي إعادة البناء- أعلنت في عام (١٩٨٥م)، فهذه المدة في عمر الأمم قليلة جداً، مثل أي دولة من الدويلات التي قامت في تاريخنا الإسلامي استمرت ستين أو سبعين سنة لا يكاد يؤرخ لها، أو لا تذكر إلا عرضاً، وإن كنا نحن الآن نرى الشيوعية بهذه الضخامة لأننا نعيش في الواقع، لكن بعد قرن أو قرنين أو ثلاثة، سيقال ظهرت في القرن العشرين أو في أوله نظرية، وفي الربع الأخير منه سقطت، وكان اسمها الشيوعية.
فـ الشيوعية سيطرت وكادت أن تتحكم في ثلث البشرية تقريباً، وجعلت نفسها عقيدة عامة في التربية وفي كل نواحي الحياة، لكنها سقطت، وهذا السقوط نتيجة لافتقارها للإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وستسقط أكثر فأكثر، ولن ينفعها أي إصلاح أو ترقيع إلا بأن تعود إلى الله، وتؤمن إيماناً حقيقياً، لا كما عبر جوربا تشوف وقال: 'الحل بالعودة إلى تراثنا وإلى مسيحيتنا' فنقول له: إن مسيحيتك هي التي فررت منها أولاً والتي فر منها كارل ماركس، عندما كان يقول: 'المادة هي هذه الأشياء'.