للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب الضلال]

قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} [البقرة:٢١٣] كان الناس أمة واحدة (أي: كانوا على التوحيد) فالمُقَدَّر هنا، (فأشركوا وكفروا) كما فسرها ابن عباس -رضي الله عنه- بقوله: [[كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام]] حتى أضلتهم الشياطين الذين جاءوا إلى قوم نوح وأمروهم أن يعيدوا ذكريات القوم الذين سماهم الله تبارك وتعالى من الرجال العبّاد: (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا).

عشرة قرون والبشرية على التوحيد النقي، تعبد الله -تبارك وتعالى- ثم اختلفوا، ومنذ أن اختلفوا -وما يزالون مختلفين- ظهرت العبوديات المتباينة، والديانات المختلفة؛ التي منها ما كان من عند الله فحَّرفه الذين قال الله تبارك وتعالى عنهم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة:٧٩] وهم: الأحبار، والرهبان، والكهان، الذين اتخذهم أقوامهم أرباباً من دون الله، وحرفه -أيضاً- الطواغيت من الملوك والحكام من الفراعنة ومن قبلهم، ليعبِّدوا الناس لأنفسهم، كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:

وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها

جاء فرعون ليقول للقوم الذين كانوا يعبدون آلهة شتى: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨] ويقول لهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤].

وممن قام بتحريف الأديان المبتدعة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله كما قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١] فكل من اتبع هواه في عبودية الله أو عبد الله لا كما أمر الله، وإنما كما يحلو له، أو كما يرد على خاطره، أو كما يرى من تقاليد آبائه وأجداده؛ فله حظ من ذلك.