للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاهتمام بالعلم وترك الدعوة]

السؤال

إنني أسكن في حي من أحياء جدة وفي الحي طلبة علم كثير، ولكن لا ينصحون ولا يذكرون ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وهمهم فقط حضور الدروس العلمية والتجمعات في المساجد والمنازل، وليس لديهم مجهود يذكر لحيهم، يقول: وإني في الحي وحيد، أذهب إلى مساجد كثيرة، وأسمع أكثر من خمس مواعظ وألقيها في الأسبوع، وألاحظ أن الناس بحاجة إلى المواعظ، وتذكيرهم بدينهم، والشيطان يثبطني أحياناً، ويقول: انظر إلى الشباب مستريحين، وأنت تدور على المساجد، وأحياناً يقول لي: إنك ليس لديك إخلاص، وأنا أخاف الرياء؟

الجواب

هذه مصيبة عندما توجد مثل هذه الشكوى، انظروا كيف هذا الأخ المسكين، من غربته في الحي بدأ الشيطان يشككه، ويوسوس له: أنك تعظ إلا لأنه ليس عندك إخلاص، تريد الناس أن يمدحوك، وهذا من الشيطان نعوذ بالله منه، ويريد أن يدخل منها إلى قلب هذا الأخ، نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق.

الواجب على الإخوان في كل حي، أن يتآزروا ويتعاونوا، ويتعاطفوا، وأرجو من الإخوان أن يجربوا، وكثيراً ما نتكلم، ولكن ربما لو جربنا لرأينا ثمرة ذلك.

بعض الأحياء جربت أن ما يمر واحد منهم إلا ويقول "الصلاة"! ينبه كل أهل المحلات في الطريق، كل من يراه جالس من الناس في دكان يقول له: "الصلاة الصلاة"! جربوا شهرين أو ثلاثة أشهر، وبعد ذلك مُرَ ولا تتكلم، فمن بعيد يراك ويقول لك: "طيب طيب" مع أنك لم تتكلم؛ لأنه تعود منك هذا الشيء، ولأنك أحييت شعيرة من الشعائر، ولك أجرها وأجر من عمل بها.

لكن إذا سكتنا، وأصبحوا يروننا مع بعض نقول: ما رأيك في الكتاب الفلاني؟ ما آخر شريط؟ ما آخر محاضرة؟ ونتحدث ونمر على الناس، وهذا لاهي، وهذا يسمع الغناء، وهذا فاتح الدكان وقت الصلاة، وهذا ينظر إلى امرأة، وهذا يتفرج التلفزيون، وكأن الأمر لا يهمنا أبداً، وتعودوا هذا منا.

أصبحوا يقولون: والله لا ندري ما عندهم هؤلاء؟! دائماً كلام كلام! فما علموا منا إلا هذا الشيء المبهم الذي لا يعلمونه وتأتي الأجهزة الإعلامية الشيطانية من أمريكا ولندن ومن الشرق والغرب، وتقول: المتطرفون، الأصوليون، الإرهابيون، فيقولون: انظروا هؤلاء، والله مثل صورة ذاك الإرهابي الذي رأيناه ذاك اليوم! لأنه ما رأى منك إلا هذه الصورة، لا تقل: لماذا ينظر لي هذه النظرة؟ فماذا علمته أنت غير هذه النظرة؟! هذه شكوى، وليست من هذا الأخ وحده، وإنما -كما أتوقع- من أحياء كثيرة، ومن طلبة علم كثيرين.