[المحبة والأخوة أهمية الأخوة لطالب العلم]
وهناك أمر أرى أنه لا بد أن أنبه إليه, وهو: أن تكون علاقة بعضنا ببعض علاقة الأخوة والمحبة والنصيحة, فالأمر المؤلم والمؤسف أن يوجد -أحياناً- إخوة في كلية واحدة، وفي سكن واحد ولا يتعارفون, وأشد ألماً أن يكونوا غير متحابين وغير متوادين, فهذا أمر لا ينبغي، فنحن يجب أن نكون إخوة في الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يحب بعضنا بعضاً، وأن نتناصح، فالأخ المقصر نعامله بالرحمة والشفقة، وكل منا يتودد إليه وينصحه ويتحبب إليه، وكُلٌّ بأسلوبه الخاص، ولعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينقذه مما هو فيه.
ولنعلم -جميعاً- أن الأمر هو كما قال الله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:٩٤]، فنشفق ونرفق بالأخ الذي فيه تقصير دون أن نجامله ونداهنه ونقره ونرضاه على معصيته, لا! أخ يتخلف -مثلاً- عن صلاة الفجر، أو عن بعض الصلوات!! لا نقره على ذلك, ولكن نخاطبه بالمحبة وبالمودة، وكذلك أخ فيه معصية أو منكر يجب علينا أن نتعاون -جميعاً- قبل أن يصل الأمر إلى الجهات المسئولة في الجامعة أو في غيرها نحاول أن نتدارك هذا الأخ، ولا نعين الشيطان على أخينا، وإذا نصحناه وبذلنا الجهد، ثم بعد ذلك حصل له ما حصل، فإننا لا نلوم أنفسنا, ولكن أرأيتم إذا وقع إنسان في أوحال المعاصي, أو قبض عليه, ونحن لم نعذر إلى الله بالنصيحة, كيف يكون شعورنا بالألم؟! لا شك أن كلاً منا يقول: يا ليتني نصحته! وربما لو نصحته لانتصح! وكذلك ما قد يوجد من بعض الأفكار أو الآراء أو بعض البدع التي قد توجد سواء بيننا أو خارجنا, فنحن لا نستغرب أن يوجد أمثال هذه لأننا أمة أصيبت بعلل وبأمراض, ولكن نحن الأساتذة والأطباء الذين نعامل الناس بالرفق، ونحن أحرص ما نكون أن نستأصل هذه الأمراض بالأسلوب الطيب، وهذا واجبنا جميعاً.
فيرفق بعضنا ببعض, وينصح بعضنا بعضاً، ويُحب بعضنا بعضاً، وأرجو ألَّا يكون للشيطان بيننا مجال بتشهير أو ببغضاء أو شحناء، فإن هذا أفضل ما يتمناه عدو الله.
ولا ينبغي أن نعطي له الفرصة لينزغ فيما بيننا.
وتأكدوا وثقوا أن كل عملٍ خالصٍ لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, فإنه لن يجد الإنسان نفسه به إلا في محبة لإخوانه, ولن يجدها على أهل الشر والبدع والفسق إلا مشفقةً عليهم راحمةً لهم حريصةً على هدايتهم.
وفي رسول الله صلى الله عليه سلم أسوة حسنة كيف كان صلى الله عليه سلم؟ كيف قابله المشركون بصنوف الأذى والتهم؟ ولكن رسول الله صلى الله عليه سلم كان يقابلهم بالصبر الجميل, بالهجر الجميل, ويقابلهم بالإعراض، وإن أعرض كان إعراضاً لا قطيعة معه، ولكنه ترفع عن سفاهتهم وعن إيذائهم.
فهذا ما أحببت أن أنصح به نفسي وإخواني، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعنا جميعاً بما نسمع وبما نقول, وأن نكون طلبة علم مخلصين لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, داعين إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة, والحمد لله رب العالمين.