ظهر نوع آخر -لا بأس بالحديث عنه- وهو الخيال العلمي، وهو نوع من أنواع معرفة المستقبل عند الغربيين، وهو يعتمد على مجرد التخيل، لكنه يستند إلى حقائق: إما حقائق علمية بمعنى النظر في الكون، وإما حقائق عملية بمعنى نتائج تاريخية واستنتاجات من تاريخ وواقع الناس عندهم، وفيهم رجل يسمونه نبي القرن العشرين من كذبهم وافترائهم، وهو " ولز " وقد تنبأ بأشياء كثيرة، وله عدة كتب منها كتاب " رحلة في دنيا المستقبل " وهو مترجم، وهو من الناحية العلمية البحتة.
وله أيضاً توقعات أخرى عن سقوط بريطانيا وانهيار الامبراطورية وقيام امبراطوريات أخرى وما أشبه ذلك، وكان " ولز " ممن اشتهر بهذا النوع من التنبؤات وكتب فيها طويلاً.
ومنهم من درس دراسة بعيدة عن هذا الخيال العلمي، ولكنه أقرب للحقيقة وهو " جورد أولوي " ألف كتاباً عنوانه " ١٩٨٥ " وقد ألفه قبل هذا بحوالي (٨٠) سنة، وقال: في عام (١٩٨٥م) سيكون العالم كذا وكذا، وبيّن أشياء مما تخيل أنه سيكون عليها حال العالم.
وهناك دراسات أخرى من نوع آخر، من ذلك ما قام به شبنجلر في كتابه: تدهور الحضارة الغربية، وهو شبيه بعمل توينبي، وهو أنه جمع الحضارات جميعاً، وكيف تقوم، وكيف تسقط، وذكر -أيضاً- أن الحضارة الغربية سوف تسقط وتنهار: ولكن أقول: الخيال العلمي كثير جداً، حتى أنهم تنبئوا بصعودهم إلى القمر، وبالسيطرة على الكواكب، وتنبؤا بحرب النجوم، وبأشياء كثيرة، ليست من الغيب في شيء، إنما فكروا أن العالم سيتطور، وبتطور ما لديه تصبح هذه الأمور حقيقة واقعة، وبعض هذه الأشياء يكونون قد اطلعوا عليها وهي في دور الفكرة ودور المعمل في التجربة، فيفترضون أنها قد وقعت، وبعد سنين ينجح العلماء التجريبيون في الحصول عليها، فيظهر ما قالوا من قبل، فهي ليست تكهناً، وإنما هي خيالات ورؤى تستند على بعض الأمور أو الحقائق الصحيحة، ويمكن أن تسمى تكهناً من باب أنها رجم بالغيب، لكن ليس مصدرها الكهان الذين يخبرون عن الشياطين ويسترقون عنهم.
هذه الأربعة الأنواع مع أنها موجودة ولها أثر كبير في الغرب لكنها لا تهم كثيراً مثلما يهمنا النوع الخامس والأخير والخطير.