[المرأة والحجاب]
موضوع المرأة والحجاب، ماذا يقول فيه العلمانيون الجدد؟ الذين يلبسون ثوب الإسلام المزعوم، فضفاضاً واسعاً، ويقولون: المجتمع الإسلامي، ليس مجتمعاً منفصلاً، المرأة فيه لا تختلط بالرجال؛ بل هو مجتمع مختلط، ولكنه فقط محتشم لا منفصل، هذا شعارهم! وما هو تفصيل هذه الحشمة؟ تغطية الوجه ينكرونها تماماً، الحجاب الحقيقي الذي هو أن تكون المرأة في بيتها، فإن خرجت فهي مغطية لوجهها وسائر جسمها ينكرونه، ويقولون: يجب أن تخرج المرأة، والمرأة مظلومة، والفقه الأعوج، أو الفقه الميت إلى آخره، هو الذي يحبس المرأة في البيت، أو يأمرها بأن تغطي وجهها، وأننا نخجل ونستحيي أن يرانا الغربيون ونساؤنا يغطين وجوههن، والغربيات يحكمن الدول، جاء هذا على ألسنة كثيرين وليس رجلاً واحداً فقط، إنما هذا كاتجاه ومنهج لإفساد المرأة المسلمة.
والفن ماذا يقولون؟ لهم رسائل في ذلك، ولهم كتب منها كتاب الدين والفن، منها كتاب آراء تقدمية في الفكر الإسلامي يقولون: يوجد في الفقه الإسلامي آراء تقدمية سبقت عصرها.
إذن عندنا كنوز خفية ما نعلمها، انظروا إلى ابن حزم كيف أباح الغناء، هذا فكر تقدمي، والآن القرن العشرين بدأ الإنسان المعاصر يحس بأهمية الغناء وضرورته، لكن المتزمتين والمتشددين يقولون: البخاري روى وفلان قال، وابن القيم ذكر خمسين وجهاً في تحريمه، كله كلام لا قيمة له في نظرهم.
ومن الآراء التقدمية أو التحررية والتجديدية قول بعضهم: الرقص إن كان المقصود منه إثارة الشهوات فلا ينبغي، وأما إن كان المقصود منه بعض الشعور، والإحساس بالجمال، وتنمية الشعور بالجمال، وتنبيه الناس إلى بديع خلق الله، فهو قد يخدم أغراضاً إسلامية، وكذلك الموسيقى، ولهذا فهم من أشد الناس تضجراً بتوبة المغنين والممثلين والمطربين، يتضجرون في الصحف علانية ولا يستحيون وهم يرفعون أسماء إسلامية ويدعون ذلك، ويرون أن المرأة يمكن أن تقوم بأي عمل حتى بالتوسع في مسألة الغناء والسينما.
وكل منهم يجتهد، ويفصل كما شاء، حتى إن أحدهم دخل كلية وفيها جدار يفصل الطلبة عن الطالبات؛ قال: لو كان الأمر بيدي لهدمت هذا الجدار، وبعضهم ينادي ويجاهر بأنه يجب أن يتخلص الناس من مسألة تدريس البنات عن طريق الشبكة التلفزيونية، كما هو موجود مثلاً عندنا هنا في مكة والحمد لله.
بل بعضهم يتندر حين سئل عن قيادة النساء للسيارات.
فقال: إن كنتم في الدول التي تحرم ذلك - يسخر من مجتمعنا هنا - هذا لا يجوز، والعلماء سوف يفتونكم أنكم انحرفتم، أما إن كنتم تؤمنون أن المرأة بشر، وأنها إنسان مثل أي إنسان فما المانع أنها تقود السيارة، وأنها تعمل كل شيء؟ فيلجئون إلى أساليب شتى لنشر هذه الضلالات.
ومما سبق يتبين أن هذه هجمة جديدة يهاجم بها هذا الدين، وعلمانية جديدة تلبس ثوباً فضفاضاً واسعاً، تحت شعاراتٍ ونداءات إسلامية مختلفة هي العدو الذي سيواجه الدعوة الإسلامية الآن، وفي المستقبل القريب، أما من ينادون علانية بإنكار وجود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو تكذيب كتاب الله -عز وجل- جهاراً نهاراً، أو الطعن في سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهاراً نهاراً، فهؤلاء أصبحوا يتلاشون ويتساقطون.
وهذه المرحلة الجديدة لها رموزها، ولها كتابها، ومعاهدها، ومؤسساتها، وصحافتها، وهذه لا أقولها إلا لأذكركم بها، وستعرفون الكثير منها -إن شاء الله- أينما وجدتم مثل هذه الأفكار، فستجدون وراء ذلك المكر الخبيث.
فأنبهكم جميعاً إلى خطر هذه المرحلة، وأن نكون متيقظين لمقاومة هذه الهجمة الجديدة، التي تهدم الإسلام باسم الإسلام- كما سمعنا في وثائقهم هذه.
هذا واسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل مني ومنكم، وأن أكون قد وفقت على هذا الإيجاز المخل لأنبه -إخوتي الكرام- إلى خطر هذه المرحلة الجديدة التي تعيشها الصحوة الإسلامية.