ولذلك قبل هذا يمكن أن نأتي بالعبارة التي وردت في الرواية الأخرى التي رواها الإمام أحمد وغيره، قال:{تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة}.
يقول الضحاك بن قيس رحمه الله: [[اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة -كأنه يشرح الحديث، ثم ذكر مثلين فقال: إن يونس عليه السلام لما كان يذكر الله تعالى في الرخاء ذكره الله تعالى في الشدة، فقال تعالى:{فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات:١٤٣ - ١٤٤]]] فلما دعا بهذه الدعوة العظيمة التي هي من أعظم أدعية الكرب، والتي قيل: إن فيها اسم الله الأعظم، وهي:(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) دعا بها يونس عليه السلام في الظلمات: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، دعا فاستجاب الله تعالى له فأنجاه وأخرجه وألقاه الحوت في الساحل، ثم ذكر الحالة الأخرى، حالة الذي لم يعرف الله وقت الرخاء، فقال: [[وانظروا إلى فرعون كان غافلاً عن ذكر الله، مستكبراً على الله، فلما أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، فقيل له:{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس:٩١]]].
فيونس أنجاه الله، وفرعون لم ينجه، وكلاهما في حالة متشابهة؛ لأن ذلك كان يعرف الله في الرخاء، فعرفه الله تعالى في الشدة، وكان معه، وهذه هي المعرفة الخاصة والمعية الخاصة كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٨] فالمعية الخاصة هي معية النصر والتأييد، والمعرفة الخاصة هي أن يعرفك الله تعالى المعرفة الخاصة، وإلا فهو العليم بكل شيء، لكن المعرفة الخاصة لأوليائه أن يقضي حوائجهم، وأن يستجيب دعاءهم، وأن يكشف كرباتهم وما يهمهم وما يغمهم.