ذكرت الحب في الله، والغلو في الحب، فكيف يكون الحب في الله حقاً؟ ثم إن المغالاة في حب الصاحب قد ذكرت أنها تؤدي إلى البغضاء في المجتمع، أتقصد أن نحبه في إطار محدود؟ وأقول أيضاً: إني أحب جميع علمائنا ومشايخنا، لكني إذا رأيت أحد إخواننا في الله يعايش أحد المشايخ الذين أحبهم تهب فيَّ الغيرة نرجو النصيحة؟
الجواب
أقول: أولاً الحب في الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لدينا كالشمس في رابعة النهار؛ كيف كان حب المهاجرين للأنصار وحب الأنصار للمهاجرين؟ وكيف كان حب المتآخين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وكيف كان يحب بعض الصالحين بعضاً؟ وهذه والحمد لله واضحة، وأقصد في الجملة التي نريدها الآن: الانضباط وعدم الغلو.
وأما مسألة المغالاة في الحب فقد تؤدي إلى البغضاء.
فإذا غاليت أنت في حب أحد فهذا يؤدي بمن يخالفك إلى أن يبغضه، ولو أنك كنت معتدلاً قائماً بالقسط؛ لربما كان مثلك معتدلاً أو قريباً منك، لكن عندما غلوت في الحب غالى هو أيضاً في البغض، وهكذا عادة الناس أنهم يقابلون الشيء بضده في الغالب، فإذا أخذهم الإنسان بالحسنى وقرب إليهم الأمر اقتربوا منه، وهذا هو المقصود.
أما بالنسبة للإخوة الذين يجمعهم عمل واحد أو مدرسة واحدة أو أي أمر من الأمور المشتركة، فإنه إذا غالى أحدهم في حب إنسان، فإن الحسد يدب في قلوب الإخوة الآخرين فيبغضونه ولا ذنب له، وهذا قد يؤدي إلى نوع من القطيعة وهي مجربة ومشاهدة في الواقع.
أما قوله: إنه يحب جميع العلماء والمشايخ فهذا فضل من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لكنه إذا رأى أحد الإخوة يعايش أحد المشايخ تدب فيه الغيرة، فإن شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله تعرض لمسألة الصوفية كيف يريد كل شيخ أن يكون المريدون له خاصة، وإذا انتقل المريد إلى شيخ آخر تكون العداوة ونحوها، فإن شاء الله نحن أبعد شيء عن هذه الضلالات.
لكن إن كانت المسألة مسألة الحرص على الخير، تقول: يا ليتني كأخي فلان، أي غبطةً وحرصاً منك على أن تكون مثله، تعايش العلماء وأهل الخير، وتكتسب منهم فلا بأس -إن شاء الله- إن كان هذا هو المقصود والعبارة خانتك، وإن كان غير ذلك فهي عاطفة ينبغي -كما ذكرنا- أن تهذب.