للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تعلم العلوم العلمية]

السؤال

شيخنا الفاضل! ما هو رأيكم في العلوم غير الشرعية: كعلم الكيمياء، وعلم الرياضيات؛ علماً بأن بعض العلماء وبعض المشائخ ينفرون من هذه العلوم؟

الجواب

العلم نوعان: كما يقسم الآن تقريباً ما يسمى في العرف الحاضر: العلوم العلمية: وتشمل الكيمياء والفيزياء وما أشبهها من العلوم.

والثاني: العلوم الأدبية: وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، والعلوم الإنسانية -كما تسمى- والآداب الإنسانية، والإدارة الخ.

أما بالنسبة للعلوم العلمية بالمفهوم المعاصر كالفيزياء والكيمياء وما أشبهها، فهذه نقدر أن نسميها علوم التوحيد أو علوم العقيدة المساعدة، فهي ليست علوم التوحيد الأساسية، فالتوحيد الأساسي معروف، لكن هذه علوم التوحيد المساعدة، فالإنسان الذي يتعلمها ويستطيع أن يضمها إلى ما عرفه من الحق، من علم التوحيد الأساسي، يجد أنها تقوي إيمانه وتعمل على زيادته.

إذا كنتُ أنا الذي ما أعرف شيئاً، إذا نظرت إلىملكوت السموات والأرض بعيني المجردة في الليل، فإنه يزداد إيماني، فكيف بالفلكي الذي ينظر بالمنظار، ويرى المجرات ويرى المسارات والمدارات والأقمار، ويرى أشياء أخرى؟! لا شك أنه سيزداد إيماناً أكثر منا.

إذا كنت أرى من خصائص ما أودعه الله في هذا الوجود عجائب، أراها بعيني فأذهل لها، فلا شك أن الأخ الذي في الكيمياء أو في الأحياء يضعها تحت المجهر ويرى من العجائب بالتفصيل ما لا أرى، فإنه أكثر إيماناً مني، وهكذا كل إنسان بحسب ما يعلم، وكل إنسان مأمور أن ينظر إلى الكون، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل النظر متاحاً لكل إنسان، حتى أن العامي إذا نظر إلى الإبل استجابة لقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:١٧] بمجرد أن ينظر إليها يعجب من خلقها، وهي عجيبة بلا شك، وصاحب الأحياء وصاحب التشريع ينظر إلى تفاصيل هذا الجمل، فيجد العجب أكثر وهكذا، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من نعمته وفضله أنه أتاح للإنسان المعرفة، لكن التفصيل -لا شك- أنه أفضل من الإجمال.

إذا جردت العلوم عن النظريات والتأثيرات الإلحادية فيها، فهي علوم خير وحق وهدى.

والهندسة -مثلاً- أو الرياضيات أو العلوم البحتة -كما تسمى- هذه أيضاً تحتاج لها الأمة الإسلامية، وقد تكون من فروض الكفاية، ونص على ذلك العلماء منهم شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله.

فهي من فروض الكفاية؛ لأنه لا يمكن أن نقيم مشاريعنا ومساكننا وحياتنا إلا على أمور هندسية ورياضية، فلا بد منها، ولا يمكن لأحد أن يشكك فيها.

أما العلوم الأدبية والآداب عموماً -كما تسمى- فهي التي يجب أن تمحص فقرةً فقرةً، وكلمةً كلمةً، فمنها ما يرد جملة، ومنها ما يرد بعضه ويؤخذ بعضه، والمهم أن نأخذها من مأخذ الاستعلاء كما قال تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩] ومعيار الحق معنا، نزن به هذه العلوم، ولا يصلح منها إلا ما يثبت صلاحيته، أما العلوم الأخرى تلك، ففي الحقيقة أنها تقبل ويرد منها ما يرى أنه ينافي الأصل.