[ظهور الفواحش]
وإذا نظرنا في عصرنا الحاضر فسنجد أن من أخطار استقدام غير المسلمين الفاحشة -الزنا- والتي قد يقع فيها الزوج أو الزوجة أو الأبناء؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذرنا من الخلوة بقوله: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} ولأن الرجل بطبيعته وبفطرته التي فطره الله عليها يميل إلى المرأة، والمرأة تميل إلى الرجل، فالخلوة حرام سواء في السيارة أو غيرها، وهذه فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في ذلك، لأنه يمكن أن يذهبا إلى أي مكان، ويمكن أن يتكلما في أي موضوع، سواء حديث حب وعشق، أم غيرها من المحرمات.
وقد وقعت قصة عجيبة في هذا الشأن، حصلت في مركز شرطة جدة، وهي أنه قدم إليهم رجل فلبيني وامرأة إندونيسية، وأتت بهم العائلة التي استقدمتهما، أحدهما سائق، والأخرى خادمة، فرب العائلة يتهم هذه المرأة بأنها زنت مع هذا السائق، وأنها حامل من الزنا، وبعد التحقيق اعترف الرجل بأنه زنى، ولكنه لم يعترف أنه زنى بالخادمة، وإنما اعترف بحصول الزنا مع ربة الأسرة، واعترفت الخادمة بأنها حملت من رب الأسرة، فهذا مثال واقعي وصريح في الجانبين.
مثال آخر: رجل من أهل الخير في الرياض، يقيم مع ولدين شابين له في سن المراهقة، استقدم الرجل خادمة شابة إلى بيته، ولكنه بعد فترة من الزمن اكتشف أن هذه الخادمة لا تنام في غرفتها! فلما تتبع الأمر، وجد أنها تبيت ليلة عند هذا وليلة عند هذا! فأراد تسفيرها، فوقف في وجهه ولده، وقال: والله لا تسافر أبداً بل تبقى في بيتنا! فخرج الرجل وهو يبكي ويشتكي ويقول: إن ابني عصاني بعدما عصى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلو أن الولد رُبيَّ التربية الإسلامية الصحيحة، ومُنِعَت عنه أسباب هذا الفساد لما حصل هذا، فلا نضع عود الثقاب المشتعل أمام البنزين، ثم نقول للنار: لا تشتعلي! بل حتى في تاريخ الأمم السابقة يقص الله علينا قصة يوسف عليه السلام وهو معصوم، فيقول تعالى عن الفتنة التي تعرض لها: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:٢٤] فقوله ((وَهَمَّ بِهَا)) قال العلماء: لو لم يقل الله: (وَهَمَّ بِهَا) لاتهم يوسف في رجولته عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرجل الذي لا يميل للمرأة يسمى خنثى -لا رجل ولا امرأة- وهي منقصة، لكن يوسف - النبي المعصوم- عندما ابتعد عن المرأة -وهي صاحبة الشأن وصاحبة الدار والسلطان والجمال- إنما كان بشراً لديه فطرة ولديه ميل نحو المرأة -كأي بشر- ولكنه استعلى على هذه الشهوة وارتفع بإيمانه عنها.
الشاهد من هذه القصة أن الفتنة لا بد حاصلة، ولا يعصم الإنسان منها شيء، فلا يقل: (أنا نفسي طيبة، وأنا أختلف عن غيري)؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
وقد يستدل بعض الناس على جواز وجود الخادم أو الخادمة أو المربية بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة النور: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنّ} [النور:٣١] إلى أن قال: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور:٣١] فيدخل السائق ونحوه وكأنه من التابعين غير أولي الإربة.
وهذا غير صحيح لأن العلماء قالوا: إن المقصود من الآية هو المخنث الذي ليس له شهوة في النساء.
وقال بعضهم: هو الأحمق الذي لا يعقل الفرق بين الرجل والمرأة.
وقال بعضهم: هو المخصي -الذي ليس له خصية- فلا تثور له قائمة.
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره: 'المراد بالآية ظاهرها، أي من يتبع أهل البيت، ولا حاجة له في النساء، ولا يحصل منه ذلك في حال من الأحوال '.
وهذا كلام دقيق، لأنه قد يأتي -هذا التابع- في فترة من الفترات ولا يكون له إربة بداية؛ لأنه يكون محتاجاً إلى العمل أو يفكر في أسرته التي تركها في بلده، فلو رأى ربة البيت لا يميل ابتداءً، لكنه إذا استقر به الحال واستأمنه الرجل وبدأ يخلو، أتته الشهوة، كقصة الرجل التي رواها الإمام مسلم -رحمة الله عليه- عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: {أنه كان رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان يدخل عليهن ويعتبرونه من التابعين غير أولي الإربة حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة، والرجل مع بعض أزواجه، وكان الرجل يصف امرأة ويقول: إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان.
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فنهى أزواجه من أن يظهرن على هذا الرجل}.