الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
السؤال
يقول أحد الإخوة: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصحابي الذي قتل الرجل بعد قوله الشهادة: {أشققت عن قلبه} الحديث, هل هذا إقرار بالإسلام بدليل الكلمة؟ أم أنه كان يجب على الصحابي التيقن؟
الجواب
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{أشققت عن قلبه} وأمثاله كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً}[النساء:٩٤] يدل على وجوب التثبت أو التبين، وقد قرأ بالوجهين فتبينوا أو فتثبتوا، لأن إجراء الحكم هو على الظاهر لا على الباطن, فكون الإنسان يقتل رجلاً كما وقع في حديث أسامة , فكأنه علم أنه لم يقل الشهادة إلاّ لينجو بها وليتعوذ بها من السيف, وهذا حكم بالباطن، ولا يجوز الحكم على الباطن لأنه من علم الغيب, وفي الظاهر أن من قال الكلمة أُلزم بالشرائع الظاهرة, ونَكِلُ أمره إلى الله، وهذا في الحكم الظاهر, كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم, إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله} أي: في البواطن, فقد يقولون ذلك ويفعلونه, وهم في الباطن منافقون في الدرك الأسفل من النار, فحسابهم على الله في بواطنهم, وفي هذا حكمة عظيمة لكل من يريد إجراء الأحكام، أو يصدر أحكاماً، فلك أن تحكم على الأقوال، ولك أن تحكم على الأعمال, أما البواطن فلا يحكم عليها إلا الله الذي يطلع عليها.