للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة المحبة لله]

جعل الله تعالى حقيقة محبته في اتباع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم رتب على ذلك {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} [آل عمران:٣١] فرتب على اتباع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحبهم الله، فإذاً: ليس الغرض أن يدعي أحد محبة الله، كما قال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله فأنزل الله هذه الآية، فهذه آية المحنة أو آية الامتحان، لأنها امتحان لهم في حقيقة المحبة.

فليس الغرض فقط أن يدعي قوم أنهم يحبون الله، بل الغاية أن الله يحبهم، فلو أن أحداً ظن أنه يحب الله، ولكن الله لا يحبه فلن ينفعه ذلك أبداً! فانظر إلى عباد النصارى الذين حجروا على أنفسهم في الأديرة والصوامع، وحرموا ما أحل الله اعتقاداً وظناً منهم أنهم يفعلون ذلك قربة إلى الله، وأن الله يحبهم؛ ولكن لم ينفعهم ذلك، لأن الله لا يحبهم، فلذلك لم ينفعهم أي عمل، فالغرض من هذه العبادات حصول الثمرة وهو أن يحبهم الله، وليس أن يدّعوا هم محبة الله، فلهذا قال {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ} [آل عمران:٣١] فإذا أحبك الله فهذه هي النعمة، وهذا هو الرضوان، وهذه هي البشرى، فأبشر بالجنة وأبشر بالخير، وبمحبة الناس لك في هذه الحياة الدنيا، فإن الله تبارك وتعالى كما ثبت في الحديث: {إذا أحب عبداً نادى جبريل -عليه السلام-: إني أحب فلان فأحبه، فيحبه جيريل عليه السلام، وينادي في أهل السماء: إن الله تبارك وتعالى يحب فلاناً فأحبوه، فيحبونه، ثم يوضع له القبول في الأرض؛ فيحبه أهل الأرض} فهذا الفضل من الله لمن يحبه الله عز وجل.

فنحن محتاجون إلى محبة الله لنا، أما دعوانا أننا نحب الله، فيمكن لكل كافر وزنديق وملحد وأي إنسان من بر أو فاجر أن يدعيها، لكن ما حقيقة ذلك وما دلالته؟!