[نتائج مشروع السلام]
وهنا لا بد أن نأتي على قضية مهمة، وهي تتكون من شقين الشق الأول: النتائج المتوقعة لما يسمى بمشروع السلام الحالي، ومعرفة التخطيط لهذه المنطقة عندما تدفع إلى الإيمان بالوعد المفترى وتكفر بالوعد الحق من الله تبارك وتعالى.
والشق الثاني: الحلول والمقترحات.
أقول: إن الأهداف كثيرة والنتائج خطيرة، وأرجو ألا تستغرق جزئيات وتفاصيل هذه الأحداث فننسى هذه الأهداف البعيدة وسأذكر لكم مؤشرات جمعت من خلال البيانات التي أصدروها في كتبهم قديماً وحديثاً.
أولاً: يريدون القضاء على الجهاد الفلسطيني داخل الأرض المحتلة، وهو الذي يسمى بالانتفاضة، وبعد السلام لا يعود المجاهدون الفلسطينيون مدافعين عن بلادهم المحتلة؛ وإنما يكونون مواطنين يحاربون دولتهم؛ وبالتالي فلا شرعية لأي عمل يعملونه، ومن حق أية دولة أن تقمع رعاياها إذا خرجوا على قانونها كما هو مقرر في القانون الدولي! وهذا هدف كبير لأن أخطر ما تخافه إسرائيل الآن هم هؤلاء المجاهدون -مجاهدي الانتفاضة- فالدول العربية ليست مهددة لإسرائيل وهي تعلم ذلك، ولكن الخوف من هذا الوعي الإسلامي المتنامي داخل الأرض المحتلة وخارجها.
ثانياً: يريدون بهذا السلام العام بين العرب واليهود التضييق على الدعوة الإسلامية، وضرب الحركة الإسلامية في كل مكان، فربما يهدفون إلى ضربها ضربات قوية في كل مكان من المغرب حتى إندونيسيا.
ثالثاً: تدمير القوة العربية المحيطة بإسرائيل، على الرغم من أنها حالياً لا تشكل خطراً عليهم، وقد دمر العراق وسوف تكون الخطوة الثانية تدمير الجيش السوري، وذلك لأن الجيش السوري يملك بعض القوة والتدرب والممارسة والخبرة، وسيشكل خطراً على اليهود فيما لو خلف الإسلاميون السلطة الحالية، وربما كان تدميره بتسريحه بأيدي الحكومة البعثية الباطنية كما فعل السادات في مصر.
رابعاً: إخضاع المنطقة للرهبة اليهودية العسكرية، وفرض الحماية الأمريكية على المنطقة، ومنع تطوير أي جيش من جيوش المنطقة، وإنما يراد بقاء الجيوش للمحافظة على الأمن الداخلي فقط، ومبرراتهم أنه في ظل النظام الدولي الجديد لا يحتاج إلى تطوير الجيوش؟! فيقولون: أتريد أن تستخدمه في العدوان كما فعل صدام؟! وإذا كنت تريد الأمن والحدود فإن النظام الدولي يكفل لك ذلك! ولكن لا مانع من أن تكون هناك قوات للأمن الداخلي ولا تفكر في حالة اعتداء على الجيران، وهذا هو الهدف الذي من أجله خططوا لسيناريو احتلال الكويت وحرب الخليج، وثبتوه وأصلوه حتى أصبح قاعدة راسخة عند شعوب المنطقة.
خامساً: تغيير المناهج الإعلامية والتعليمية لمحو كل ما يثير العداء نحو اليهود وهذا خطير جداً، وقد أعلنه شامير في المؤتمر -مؤتمر مدريد - حيث قال: لا بد من تغيير ثقافتكم العدائية نحو اليهود، فعلى مراحل تنتهي كل شعارات العداء لليهود، بل ينتهي حتى كل ما يثير العداء دينيّاً! وقد عمل بهذا في مصر وغيرت المناهج، وحذفت معارك اليهود مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحذفت الإشارات إلى عداواتهم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المناهج والتعليم، حتى أن بعض مفسري التلفاز يتجنبون الحديث عن آيات اليهود، ويتجاوزونها وينتقلون إلى ما بعدها.
وهذا ما يريدونه في المنطقة عموماً، وكذلك في مناهج التعليم تغيرت كل حيثيات القضية، وإن كانت مع الأسف درست لنا من منظور قومي -العرب واليهود- لا من منظور إسلامي؛ بينما في أمريكا تدرسها عشرون ألف مدرسة على أنها قضية دينية توراتيه!! سادساً: فرض السيطرة المالية الاقتصادية اليهودية على المنطقة كلها، وماذا يساوي اقتصادنا مقابلة باقتصاد الغرب، فقد سيطر اليهود على الاقتصاد الغربي عن طريق الربا والبنوك الربوية، فكيف إذا انطلقت أيديهم في منطقتنا! سوف يتحكمون في سنوات قلائل في كل الدورة الاقتصادية لدول المنطقة جميعها.
سابعاً: اجتياح المنطقة بالثقافة اليهودية والنصرانية، ويصحب ذلك حملات تنصيرية، فقد رفع النصارى رءوسهم وبدءوا يقولون: إن أحداث الخليج هيأت لنا الفرصة لإدخال الدين المسيحي في مناطق لم نكن نحلم أن ندخله فيها من قبل، والتبشير علني، والكنائس علنية ومؤيدة علناً في بعض دول المنطقة، فهذه البلاد المقدسة محاطة بالتنصير من كل جانب، كما نتوقع حملات تشويه للإسلام في كل المستويات؛ لأنهم يملكون هذه الآلة الإعلامية الضخمة، وستعينهم الصحافة العربية على هذا الهدف بتشويه صورة الدعاة، وتشويه التاريخ الإسلامي، كل هذا وارد ومتوقع، وإن كان سينفذ بنوع من البطء والتؤدة.
ثامناً: نهب ثروات المنطقة النفطية والمائية وتسخيرها لليهود والأمريكان، فقد قالوا لا بد من حربين، حرب النفط، وحرب المياه، وإن كانوا قد فرغوا من حرب النفط؛ فالحرب الأخرى المنتظرة هي حرب المياه.
يريدون أن ينتزعوا مياه الفرات ومياه العاصي ومياه الليطاني ومياه نهر الأردن، وحتى النيل يسحبون مياهه عبر قنوات من تحت القناة إلى أرض فلسطين، والمياه الجوفية في شمال الجزيرة العربية، وذلك لبناء المستوطنات، ولذلك يشيرون إلى أن الحرب القادمة ستكون حرب مياه.
قد تفتعل معركة بين تركيا وسورية - مثلاً- فتكون قضية يضطر معها الأمريكان للتدخل العسكري، فتحل الحرب وتكون هناك مشكلة الجيش السوري من جهة؛ ومشكلة المياه من جهة أخرى، وتركيا بالطبع عضو في حلف الناتو، والآن- تتوالى الاجتماعات في الغرب لتقوية حلف الناتو وتطويره بانضمام دول شرقية أوروبية له.
و
السؤال
ضد من هذا التطوير وهذه التقوية؟ إنهم يريدون ضم دول المعسكر الشرقي إلى الغربي لمقاومة العدو المشترك الذي لن يكون بالطبع إلا إيانا.
تاسعاً: إفساد المنطقة أخلاقياً، وهكذا طبع اليهود إذا دخلوا في أية بلاد فعن طريق السياحة والآثار يفسدون المنطقة كلها، فدول المنطقة جميعا مهددة بالإفساد عن طريق المخدرات والدعارة والأفلام القذرة، وقد نشرت الصحف كيف أرسلت إسرائيل فتيات من حاملات وباء الإيدز إلى مصر؛ لأنها مركز الثقل والقوة في العالم الإسلامي، وسيعمم هذا على جميع البلدان، وما القنوات الإباحية اليهودية إلا جزء من ذلك!! عاشراً: فتح الباب لغزو الجاسوسية اليهودية لأماكن ما كانت تحلم بها من قبل، وهذا هدف مهم جداً؛ لأن إسرائيل تخطط على مقدار ما تعلم عن المنطقة وتعرف حقائقها، فهي تود أن تعرف كل التفاصيل عن الصحوة الإسلامية، وعن حالة الدفاع والجيوش العربية, وربما لا يخفى عليهم شيء ذو بال ولكن من الضروري الإلمام التام بكل الدقائق.
حادي عشر: وهناك هدف يسعى وراءه اليهود هو اكتشاف الآثار اليهودية القديمة، وهناك دعوى تقول أن الأرض التي خرج منها اليهود ليست مصر وإنما هي جنوب جزيرة العرب، وجاء بعضهم بصور من أبها ومناطق حولها وقال: إن أسماء التوراة تطلق على هذه المناطق، ويدللون على آثارهم في هذه الأرض بأن الملك الذي حفر الأخدود كان يهودياً، وبوجود خيبر ومهد ذهب سليمان، وهذا كله تمهيد لقولهم أن هذه الأرض هي أرضنا.
هذه بعض الأهداف التي يسعون لتحقيقها وبعض ما يمكن أن يقدم على المنطقة إذا تحققت مخططاتهم ونسأل الله أن يحمينا ويحمي ديننا وبلادنا من شرورهم.