للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخاتمة]

بقي أن نقول كلمة بين يدي ختام هذا الحديث وهي: هل يقيننا وإيماننا الذي لا يتزعزع ولن يتزعزع -بإذن الله- بأن المستقبل للإسلام، هل يعني ذلك الركون والدعة والتكاسل؟ وهل يعني ذلك أن هذا العدو اللدود -ولاسيما العالم الغربي- سوف يستسلم لنا بسهولة ويخضع لنا بسهولة؟

الجواب

إنه لا يمكن أبداً، بل سوف تكون المعركة على أشد ما تكون، وهذا يستدعي من كل واحد منا أن يجعل نفسه فعلاً على ثغر من ثغور الإسلام، والله الله أن يؤتى الإسلام من قبله.

احم بيتك من تأثير هذه الحضارة الفاسدة الكاسدة، احم أبناءك من سمومها، احم نفسك من ذلك، وقاومها ما استطعت أن تقاوم، لتبدأ الطريق من أوله، وإذا كان غاندي رفع شعار المقاومة السلبية التي تعني ألا تشتري من الإنجليز ولا تركب في مواصلاتهم إلخ كلها مقاومة سلبية، وحقق الانتصار لبلاده، فكيف المسلمون؟ كيف لو حققنا أو بدأنا ببيوتنا فنظفناها، وبدأنا بأموالنا فحفظناها من أن نبذرها على شهواتنا في تلك البلاد؟ بل حتى الأمور الحاجية، فلا نأخذ إلا الضروريات ونقف عند شيء من الحاجيات، فضلاً عن الكماليات، فضلاً عن المحرمات.

يجب علينا أن نعرف أننا أمة مستهدفة ومحارَبة وهي أيضاً محارِبة، فلابد أن نبدأ الطريق من الآن، ولا بد أن نهيئ أنفسنا وشبابنا بالإيمان القوي، لأن هذا العالم الكافر العنيد القوي لن يقاومه إلا من آمن بالله تعالى حق الإيمان.

كما كان المؤمنون في أيام اليرموك، وفي فتوح فارس، يأتي المئات من جنود الروم أو الفرس مسلسلين بالسلاسل بعضهم مع بعض ويتقدمون صفاً واحداً حتى لا يتزحزحوا، ويأتون معهم بالفيلة، ومعهم الرماح الطويلة، ويهجم المسلمون حتى أن بعض المسلمين كـ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ألقى الدرع، وأخذ يواجه هذه الكتائب المسلسلة وهذه الفيلة بصدره وهو حاسر، وتقدموا وثبتوا حتى نصرهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

يجب أن يكون شبابنا قوياً في إيمانه، ويجب أن يكون قوياً في جسمه، فسموم الحضارة الغربية وشهواتها تفتك بشباب المسلمين في جسده، وفي عقله، وفي إيمانه، وفي كل شأن من شئونه، بل حتى في ماله، فلا بد أن نخلص شبابنا من ذلك، وهذا هو بداية النصر، وهذا هو بداية المعركة.

والمعركة الآن قائمة معلنة من طرف واحد، وهو طرف العالم الغربي ونحن غافلون.

وانظروا -وأنا أذكر مثالاً من قضايا كثيرة- ماذا تكتب وسائل الإعلام والصحافة في العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه عن العالم الغربي من اختراعات وبطولات عظيمة، حتى الجريمة الغربية تكتب وكأنها شيء جديد وحضاري، ولكن انظروا ماذا يفعل الغرب لو حققنا أعظم إنجاز، ما يكتب عنه الغرب إلا على سبيل الاستهزاء، أو الشماتة، أو التشاؤم، أو التحقير، وهذه الصحف الغربية أنتم أعلم مني قطعاً بها؛ لأنكم تقرؤونها بلغتها، وربما منكم من يقرأها يومياً، فلا يمكن أن تكتب عنا خيراً، لا صحافتهم ولا تلفازهم ولا وسائل إعلامهم.

فإلى متى يا شباب الإسلام؟ إلى متى تظل الحرب قائمة ومعلنة من طرف واحد والطرف الآخر مستسلم؟ نحن نقول هذا على مستوى الأمة الإسلامية ككل، وعلى مستوى الشباب المتنبه والغير متنبه، يجب أن نكون جميعاً أمة الإسلام يداً واحدة نقاوم هذا العدو، ونبدأ المعركة ونستشعرها -أقل ما يكون- في شعورنا الذاتي الخاص، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى.