ثم نأتي إلى الشباب المهتدي، هذا الشاب الذي سَلِمَ من كل هذه العوارض والعوائق -والحمد لله- تخطَّى عقبة البيت والخادمة والأم والأب، وتخطَّى عقبة المدرسة وما فيها من مشاكل ومدرسين وفساد في المناهج، وتخطَّى عقبة الإعلام مثل الحصان الجواد السابق الذي قد تخطَّى حواجز كثيرة جداً جداً، حتى وصل إلى بر الأمان.
وحاله يقول: الآن التزمت وتمسكت واهتديت -والحمد لله- وعرفت الله، فمن يشجعه على هذا؟ بل قد تبدأ الدوامة من جديد؛ فكل من كان يلومه على ما كان يفعله وهو في ضياعه يلومه الآن، فهذا يقول له: يا أخي أنت متزمت جداً، حتى لحيتك جعلتها هكذا، وهذا يقول له: حتى زوجتك لا يراها أحد حتى إخوانك؟ والله إنها مصيبة، ثم تأتي الجرائد وتقول:(هؤلاء المتطرفون والأصوليون).
والعجيب أنه إذا جاء هذا المسكين يتكلم في الشرك، قالوا: كفَّرت الناس! كفَّرتنا ونحن مسلمون! -لا حول ولا قوة إلا بالله- وإذا تكلم في السنة قالوا: أنحن أهل بدع؟! بدَّعتنا وضللَّتنا! وحتى بعض الدعاة يقول: هذا ليس عنده حكمة في الدعوة.
فمن أين تأتي الحكمة، أو من علَّمه الحكمة؟! الحمد لله أنه اهتدى، وبدأ يتكلم؛ فلا تهاجموه بل وجهوه، ونقول للدعاة: إن التوجيه من قبلهم قليل، وقد يكونون معذورين، وقد لا يكونون كذلك فهذا أمر آخر.
لكن المقصود أن الشباب -حقيقة- يعاني ويتعرض لضغوط شديدة، قد تجعله ينحرف ويرجع، ويقول: ولم لا أكون كما كنت؟! وإذا بدأ العد التنازلي فإنه لا ينتهي إلى حد، فيبدأ يهمل موضوع السنن مثلاً، ثم موضوع الحجاب بالنسبة للزوجة، ثم هكذا حتى يعود في النهاية إلى ما هو أسوأ مما كان عليه! نسأل الله العفو والعافية! إذاً: هناك قضية مهمة جداً يجب أن نتنبه لها جميعاً، وهي أن الشباب في هذه الأمة مظلوم على ما فيه من أخطاء، وعلى ما فيه من أمور ليس هذا المقام مقام تفصيل لها، ولا أن نعذره بها، لكنه مظلوم من جانب؛ وهو يعاني العقوق بينما يشكو الآباء من عقوق أبنائهم، ويشكو المدرسون من عقوق طلابهم أيضاً، فكذلك الابن يعقه أبوه، ويعقه مدرسوه، وتعقه أمته بهذا التوجيه السيء المنصب عليه ليل نهار، والذي نهايته هذه البلبلة وهذه الحيرة.