لو نظرنا إلى المدرسة فإننا نجد أن العدل والإنصاف يقتضي منا أن نقول: إن الشباب مظلوم في المدرسة؛ نعم! كثير من الشباب لا يقبل التوجيه، وكثير من المدارس والمدرسين فيهم من الخير ما فيهم، لكن يبقى للشباب حق، وأنه يحتاج إلى صوت يقول لهؤلاء: أنا مظلوم وأنا لم أنل حقي الذي يجب عليكم شرعاًَ أن تعطوني إياه، فقد قال صلوات الله وسلامه عليه:{كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته}.
وهذا النص وهذا الكلام هو من جوامع كلمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي أوتيها، ولو جمعنا كل علماء القانون والتربية والاجتماع وعلم النفس، وكل هؤلاء الذين يبحثون ويضيعون الأعمار في تأصيل مسئولية الأمة وأجهزتها تجاه ما عليها من الحقوق، لم نصل أبداً إلى مثل هذا النص الجامع الصريح الواضح:{كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}، ابتداءً بالإمام فهو راع للأمة ومسؤول عنها كما قال عمر -رضي الله عنه-: [[لو أن بغلة تعثرت في العراق لسئل عنها عمر]] وانتهاء بالزوجة وفي رواية: بالعبد الرقيق الذي هو راعٍ في مال سيده وهو مسئول عن رعيته.
إنَّ الأحكام يشترط لمن يؤديها أن يكون حراً ذكراً بالغاً أما العبد فقد سقطت عنه كثير من الأحكام والواجبات؛ ومع ذلك فإن مسؤوليته لا تسقط أبداً مع أنه أقل عضو أو عنصر في الأمة.
إذاً، لو نظرنا أو تأملنا المدرسة لوجدنا أن هناك خللاً كبيراً في التربية، ولا يتسع المجال هنا لتفصيله؛ من حيث تعامل المدرسين، ومن حيث المناهج، ومن حيث الأسلوب العلمي أو الطريقة التي تمكن للنظام أو المنهاج العام غير المنهج الدراسي.
فنحن نعيش الآن -كما ترون- كثيراً من آثار هذا التذبذب وهذا الاقتراب، أما من حيث المدرس؛ فالمدرس: إما أن يكون نموذجاً للجيل الضائع -جيل الطفرة الذي لم يتربَّ ولم يعرف كيف يسير في هذه الحياة- وُكِّل إليه أبناء وهو لا يحسن تربية نفسه فضلاً عن أن يحسن تربيتهم؛ وإما أن يكون لديه جانب علمي جيد، ولكنه ليس لديه جانب تربوي؛ فكيف يعطي؟! وكيف يبلغ هذا العلم؟! فليس الحل هو المواد التربوية التي يزعمونها، فهذه مواد في الحقيقة هي: فلسفة التربية أو هي عبارة عن فلسفة غربية للتربية، وليست هي التربية النبوية التي يجب أن تكون عليها الأمة، إلا ما عُدِّل وما يحاول أن يعدَّل، ففيها شيء من ذلك.
وإن كان المدرس ناجحاً مستكملاً للشروط؛ فإن مدرسين آخرين يخذلونه في واجبه، فما يرتقه يفتقونه، وما يصلحه يفسدونه، بالإضافة إلى المفسدات أو العوامل الأخرى المثبطة في المدرسة، فالأمة تحتاج إلى تكامل، وهذا واقع نراه جميعاً في هذا الميدان وحده في مدارسنا أو في كثير منها.