للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين السلف وأهل السنة والجماعة]

السلف هم أهل السنة والجماعة بلا شك، لكن أهل السنة والجماعة هم السلف وأتباع السلف، فنحن نقول: نحن من أهل السنة والجماعة لكن هل نحن من السلف؟ لا لسنا من السلف، فـ السلف وأتباعهم هم أهل السنة والجماعة، وأخص من يطلق عليه اسم أهل السنة والجماعة وأولى من يطلق عليه هذا الاسم هم السلف الصالح، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال، {تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا من هي؟ قال: هي الجماعة} وفي رواية أخرى، قال: {هي ما أنا عليه وأصحابي} فهذا كلامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهم الجماعة وهم الصحابة، وهم السلف، وفي الحديث {خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم} فالقرون الثلاثة المفضلة هم السلف وهم أهل السنة والجماعة.

وإن القرن الثالث يعد القرنين الأولين هم السلف بالنسبة له، والقرن الثاني يعتقد أن القرن الأول هو السلف، وهذا حق فأن كلمة السلف هي كلمة نسبية، لكن إذا قلنا أهل السنة والجماعة؛ فإنه يشمل كل ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى قيام الساعة، فيدخل في ذلك دخولاً أولياً الصحابة، فهم أولى الناس وأولهم، ثم التابعون، ثم تابعو التابعين، ثم من سار على هذا المنهج إلى الغرباء، الذين يكونون نزاعاً من القبائل في آخر الزمان، كل هؤلاء هم أهل السنة والجماعة.

والعلماء عندما كتبوا كتباً مثلاً: أصول أهل السنة والجماعة فهم لا يعنون إلا غير أصول السلف، ولا يعنون شيئاً غير هذا، والإمام أحمد عندما كتب كتاب السنة، فهو يريد عقيدة السلف، أو الإمام عبد الله بن أحمد كذلك وهو ينسب له وأكثره عن أبيه.

إذاً كل ما كتب وكل ما يقال عن السنة أو عن أهل السنة والجماعة فأول من يقصد به السلف الصالح، ومن سار على نهجهم، ولا تستحق المسألة أن تكون مشكلة عند أدنى طالب علم مثلاً.

ويأتي الإشكال عند بعض الدعاة وبعض طلبة العلم، مثلاً يقول: إن بعض أهل البدع يدعي أنه من أهل السنة والجماعة، فنستخدم عبارة السلف حتى نخرجهم، فنقول: من يدعي أنه من أهل السنة وليس منهم، فهو قادر على أن يدعي أنه من السلف أو من السلفيين وهو ليس منهم، ثم هل نترك نحن كلمة شرعية عظيمة جاءت في كتاب الله استنباطاً كما قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} [الأنعام:١٥٣] وفسرها العلماء، أن (الصراط المستقيم) قالوا: السنة، ونترك ما جاء في الأحاديث وهي كثيرة جداً {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين} وفي حديث آخر قال: {هي الجماعة} وكلام السلف في هذا يعد بالمئات، بل يمكن القول: إن الآلاف من الآثار ممن يستخدم مثل هذه الكلمة كلمة أهل السنة، فنترك كل هذه النقول من أجل هؤلاء المبتدعة، من أهل الكلام سواء كانوا صوفية أم معتزلة أم أشعرية، أم عصرانية، أم عقلانية، أو أشباههم يقولون: نحن من أهل السنة، نترك الكلمة الشرعية، من أجل إدعاء المدعين.

فنقول: لا، السنة لستم من أهلها، فأنتم عقيدتكم كذا، وأهل السنة عقيدتهم كذا، كما ظهر قبل فترة من يقول إن الأشاعرة هم أهل السنة، والحمد لله تصدى لهم من بين أن أصول الأشعرية كذا وكذا، أما أصول أهل السنة والجماعة فهي بخلاف ذلك، فتبين أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة، بل هم من أهل البدعة والضلالة.

فنحن بهذا نكون قد حررنا الأصول وميزنا فيما بينها، ووضعنا ضابطاً منهجياً علمياً نعرف به هذه المسألة، فلا تشكل علينا إن شاء الله.

وعندما أتينا على شرح مسألة التفاضل بين الملائكة وبين بني آدم، فلما وجدنا عبارة لـ شَيْخ الإِسْلامِ قال: 'وكنت أحسب أن هذا الأمر محدث، فإذا بها قضية سلفية ' فقلت لكم: أنا أفرح عندما أجد هذه الكلمة في كلام الفقهاء الأولين، لأننا -والحمد لله- نحبها ونريد أن نعممها، وننشرها، لكنها فعلاً قليلة، لكن معناها واضح، والمعنى: هو أن ما كان عليه السلف الصالح من دين وعقيدة هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهذا المصطلح لا يخفى على أحد من الناس.