للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[طريقة طلب العلم]

السؤال

هذا سؤال من شقين: الشق الأول يقول فيه: ما هي طريقة طلب العلم؟ هل هي بالقراءة أم أخذاً برءوس أقلام الفتوى وكفى أم ماذا؟ ثم في الشق الآخر: هناك بعض الشباب من يرى أن إصلاح المجتمع يكون بأن نتعلم ونجلس في غرفنا على الكتب، وعدم الحركة ثم بعد ذلك ندعو، والفريق الآخر يرى أن إصلاح المجتمع في التربية والاحتكاك ومناقشة المعارض، فأي الطريقين خير؟

الجواب

طريقة طلب العلم ليس كما قال الأخ رءوس أقلام! فطلب العلم من الجهاد، والإنسان يطلب المزيد من العلم، وهذا الذي أمر الله تعالى به نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أعلم الناس بربه، فقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤]، فالإنسان يحرص على طلب العلم، وهذا هو ميراث النبوة، وليس هناك أعظم من هذا الميراث، ويجب علينا أن نجتهد -حسب الطاقة والإمكان- في تحصيل العلم النافع الذي يُقرب إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا نكتفي بالقراءة عن السؤال، ولا بالسؤال عن التمحيص والتدقيق والفهم والاجتهاد، ونشتغل بالعلم، وليكن ذلك هو طلبنا، وسير السلف الصالح عجيبة في هذا الشأن، فقد كانوا يتذاكرون ويقرءون ويتبادلون ويتساءلون، ويكتب بعضهم إلى بعض وغير ذلك، كما كتب الخطيب البغدادي وغيره في هذا الشأن.

أما بالنسبة لاختلاف نظرة الشباب في إصلاح المجتمع، فواحد يقول: أتعلم أولاً ثم أدعو ثانياً، والآخر يقول: ندعو الآن، وبعضهم يقول: لا نحتاج للعلم، لأن العلم قد يُؤدي إلى الكبر والغرور، أو إضاعة الوقت، فندعو ولو على جهل! والمسلم وكل مسلم داعية بحسبه، حتى العامي داعية، مثلاً: إذا كان يمشي في الشارع ورأى شخصاً لا يُصلي، والناس يذهبون إلى المسجد، فهنا لا بد عليه أن يقول له: (يا أخي! قم صلِّ) فهو داعية في هذا الامر؛ لأن كل واحد يعلم أن الصلاة واجبة، والأذان قد أذن، والناس يدخلون المسجد، وهذا جالس! فالعامة يجب أن يأمر بعضهم بعضاً بالصلاة وما علم من الدين بالضرورة، أما إذا كنت تقصد بالعلم الإنكار على أهل البدع، والتصدي للغزو الفكري وما أشبه ذلك، فنعم؛ عليك أن تتبحر وتتوسع في العلم الشرعي لتقاوم به هذه الضلالات، ولكن لا تنس أن تقول للناس الأمور البدهية والمعروفة وتذكرهم وتعظهم ولو بما يعرفون، تذكرهم بالجنة وبالنار، ومعنى شهادة لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله، وبأركان الإسلام، وبالحث على الصلوات، وبر الوالدين، وأمثال ذلك من الأمور الواضحة.

فكل مسلم هو داعية إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما علم، فإذا علمت آية واحدة فبلغها؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {بلغوا عني ولو آية} فإذا علمت حكماً واحداً، فادع إلى الله، وبين للناس هذا الحكم، فإن سألوك عما لا تعلم فقل: لا أعلم، لأنه لا يشترط إذا قلت للإنسان: (يا أخي! هداك الله، أذن المؤذن قم إلى الصلاة) أن أكون حافظاً لجميع أحكام الصلاة! فندعو إلى الله بما نعلم؛ كل بحسبه، وكل في موقعه، أما المسائل العميقة، والفتوى في الأمور الدقيقة، والنوازل العصرية، والفرق الضالة فلا بد من علم قوي، ولا بد أن يكون في الأمة من هو كذلك، لكن لو أن طاقاتي لا تؤهلني إلى ذلك، فإنني أدعو بما أعلم وبما أستطيع، وأحيل على العالم ما لا أستطيع وهكذا، فنكون جميعاً يداً واحدة متعاونة على الخير والعلم النافع إن شاء الله.